Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 41-49)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَءَايَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ } , قرأ أهل المدينة والشام ، ويعقوب : " ذرياتِهم " جمع ، وقرأ الآخرون : " ذريتهم " على التوحيد ، فمن جمع كسر التاء ، ومن لم يجمع نصبها ، والمراد بالذرية : الآباء والأجداد ، واسم الذرية يقع على الآباء كما يقع على الأولاد ، { فِى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } ، أي : المملوء ، وأراد سفينة نوح عليه السلام ، وهؤلاء من نسل من حُمل مع نوح ، وكانوا في أصلابهم . { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ } ، قيل : أراد به السفن الصغار التي عملت بعد سفينة نوح على هيئتها . وقيل : أراد به السفن التي تجري في الأنهار ، فهي في الأنهار كالفلك الكبار في البحار ، وهذا قول قتادة ، والضحاك وغيرهما . وروي عن ابن عباس : أنه قال : { وَخَلَقْنَا لَهُم مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ } ، يعني : الإبل ، فالإبل في البر كالسفن في البحر . { وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلاَ صَرِيخَ } ، أي لا مغيث ، { لَهُمْ وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ } ، ينجون من الغرق . وقال ابن عباس : ولا أحد ينقذهم من عذابي . { إِلاَّ رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعاً إِلَىٰ حِينٍ } ، إلى انقضاء آجالهم ، يعني : إلاّ أن يرحمهم ويمتعهم إلى آجالهم . { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ مَا بينَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ } ، قال ابن عباس : " ما بين أيديكم " يعني الآخرة ، فاعملوا لها " وما خلفكم " يعني الدنيا ، فاحذروها ، ولا تغتروا بها . وقيل : " ما بين أيديكم " وقائع الله فيمن كان قبلكم من الأمم ، " وما خلفكم " عذاب الآخرة ، وهو قول قتادة ومقاتل . { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } ، والجواب محذوف تقديره : إذا قيل لهم هذا أعرضوا عنه ، دليله ما بعده : { وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ ءَايَةٍ مِّنْ ءَايَـٰتِ رَبِّهِمْ } أي : دلالة على صدق محمد صلى الله عليه وسلم ، { إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } . { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُواْ مِمَّا رِزَقَكُمُ ٱلله } ، أعطاكم الله ، { قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ أَنُطْعِمُ } ، أنرزق ، { مَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللهُ أَطْعَمَهُ } ، وذلك أن المؤمنين قالوا لكفار مكة : أنفقوا على المساكين مما زعمتم من أموالكم أنه لله ، وهو ما جعلوا لله من حروثهم وأنعامهم ، قالوا : أنطعم ، أنرزق من لو يشاء الله رزقه ، ثم لم يرزقه مع قدرته عليه ، فنحن نوافق مشيئة الله فلا نُطعِمُ من لم يُطعمه الله ، وهذا مما يتمسك به البخلاء ، يقولون : لا نعطي من حرمه الله . وهذا الذي يزعمون باطل ، لأن الله أغنى بعض الخلق وأفقر بعضهم ابتلاءً ، فمنع الدنيا من الفقير لا بُخلاً ، وأمر الغنيُّ بالإِنفاق لا حاجة إلى ماله ، ولكن ليبلوَ الغنيَّ بالفقير فيما فرض له من مال الغني ، ولا اعتراض لأحد على مشيئة الله وحكمه في خلقه ، { إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ } ، يقول الكفار للمؤمنين : ما أنتم إلاّ في خطأ بيّن في اتّباعكم محمداً صلى الله عليه وسلم وترك ما نحن عليه . { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَذَا ٱلْوَعْدُ } , أي : القيامة والبعث ، { إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } . قال الله تعالى : { مَا يَنْظُرونَ } ، أي : ما ينتظرون ، { إِلاَّ صَيْحَةً وَٰحِدَةً } ، قال ابن عباس : يريد النفخة الأولى ، { تَأُخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ } ، يعني : يختصمون في أمر الدنيا من البيع والشراء ، ويتكلمون في المجالس والأسواق . قرأ حمزة : يَخْصِمُونَ " بسكون الخاء وتخفيف الصاد ، أي : يغلب بعضهم بعضاً بالخصام ، وقرأ الآخرون بتشديد الصاد ، أي : يختصمون . أُدغمت التاء في الصاد ، ثم ابن كثير ويعقوب وورش يفتحون الخاء بنقل حركة التاء المدغمة إليها ، ويجزمها أبو جعفر وقالون ، ويروم فتحة الخاء أبو عمرو ، وقرأ الباقون بكسر الخاء . وروينا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لَتَقُومَنَّ الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه ، ولَتَقُومَنَّ الساعة وقد رفع الرجل أُكْلَتَه إلى فيه فلا يَطعَمُها " .