Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 50-66)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } , يعني : أهل الجنة في الجنة يسأل بعضُهم بعضاً عن حاله في الدنيا . { قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ } ، يعني من أهل الجنة : { إِنِّى كَانَ لِى قَرِينٌ } ، في الدنيا ينكر البعث . قال مجاهد : كان شيطاناً . وقال الآخرون : كان من الإنس . وقال مقاتل : كانا أخوين . وقال الباقون : كانا شريكين أحدهما كافر اسمه قطروس ، والآخر مؤمن اسمه يهوذا ، وهما اللذان قصّ الله تعالى خبرهما في سورة الكهف في قوله تعالى : { وَٱضْرِبْ لهُمْ مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ } [ الكهف : 32 ] . { يَقُولُ أَءِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُصَدِّقِينَ } ، بالبعث . { أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُراباً وعِظاماً أَءِنَّا لَمَدِينُونَ } ، مجزيون ومحاسبون وهذا استفهام إنكار . { قَالَ } ، الله تعالى لأهل الجنة : { هَلْ أَنتُمْ مُّطَّلِعُونَ } ، إلى النار . وقيل : يقول المؤمن لإخوانه من أهل الجنة : هل أنتم مطلعون إلى النار لننظر كيف منزلة أخي ، فيقول أهل الجنة : أنت أعرف به منا . { فَٱطَّلَعَ } ، قال ابن عباس : إن في الجنة كُوىً ينظر أهلها منها إلى النار ، فاطلعَ هذا المؤمن ، { فَرَءَاهُ فِى سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ } ، فرأى قرينه في وسط النار ، وإنما سُمّي وسط الشيء سواءً لاستواء الجوانب منه . { قَالَ } ، له : { تَٱللهِ إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ } والله لقد كدت أن تهلكني ، قال مقاتل : والله لقد كدت أن تغويني ، ومن أغوى إنساناً فقد أهلكه . { وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبِّى } ، رحمته وإنعامه عليَّ بالإسلام ، { لَكُنتُ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ } ، معك في النار . { أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ * إِلاَّ مَوْتَتَنَا ٱلاُْولَىٰ } ، في الدنيا ، { وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } قال بعضهم : يقول هذا أهل الجنة للملائكة حين يذبح الموت : أفما نحن بميتين ؟ فتقول لهم الملائكة : لا . فيقولون : { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } ، وقيل : إنما يقولونه على جهة الحديث بنعمة الله عليهم في أنهم لا يموتون ولا يعذبون . وقيل : يقوله المؤمن لقرينه على جهة التوبيخ بما كان ينكره . قال الله تعالى : { لِمِثْلِ هَـٰذَا فَلْيَعْمَلِ ٱلْعَـٰمِلُونَ } ، أي : لمثل هذا النعيم الذي ذكره من قوله : { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ } ، إلى { فَلْيَعْمَلِ ٱلْعَـٰمِلُونَ } . { أَذَٰلِكَ } أي : ذلك الذي ذكر لأهل الجنة ، { خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ ٱلزَّقُّومِ } ، التي هي نزل أهل النار ، والزقوم : ثمرة شجرة خبيثة مُرّة كريهة الطعم ، يُكره أهلُ النار على تناولها ، فهم يتزقمونه على أشد كراهية ، ومنه قولهم : تزقّم الطعامَ إذا تناوله على كره ومشقة . { إِنَّا جَعَلْنَـٰهَا فِتْنَةً لِّلظَّـٰلِمِينَ } ، الكافرين وذلك أنهم قالوا : كيف يكون في النار شجرة والنار تحرق الشجر ؟ وقال ابن الزبعري لصناديد قريش : إن محمداً يخوّفنا بالزقوم ، والزقوم بلسان بربر : الزبد والتمر ، فأدخلهم أبو جهل بيته ، وقال : ياجارية زقمينا ، فأتتهم بالزبد والتمر ، فقال : تزقموا فهذا ما يوعدكم به محمد . فقال الله تعالى : { إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِىۤ أَصْلِ ٱلْجَحِيمِ } ، قعر النار ، قال الحسن : أصلها في قعر جهنم وأغصانها ترتفع إلى دركاتها . { طَلْعُهَا } ، ثمرها سمي طلعاً لطلوعه ، { كَأَنَّهُ رُءُوسُ ٱلشَّيَـٰطِينِ } ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : هم الشياطين بأعيانهم شبه بها لقبحها ، لأن الناس إذا وصفوا شيئاً بغاية القبح قالوا : كأنه شيطان ، وإن كانت الشياطين لا ترى لأن قبح صورتها متصور في النفس ، وهذا معنى قول ابن عباس والقرظي ، وقال بعضهم : أراد بالشياطين الحيَّات ، والعرب تُسمى الحية القبيحة المنظر شيطاناً . وقيل : هي شجرة قبيحة مرّة منتنة تكون في البادية ، تسميها العرب رؤوس الشياطين . { فَإِنَّهُمْ لأَكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا ٱلْبُطُونَ } ، والملء : حشو الوعاء بما لا يحتمل الزيادة عليه .