Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 11-20)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قُلْ إِنِّىۤ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱللهَ مُخْلِصاً لَّهُ ٱلدِّينَ } ، مخلصاً له التوحيد لا أشرك به شيئاً . { وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ ٱلْمُسْلِمِينَ } ، من هذه الأمة . { قُلْ إِنِّىۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّى } ، وعبدت غيره ، { عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } ، وهذا حين دعي إلى دين آبائه . { قُلِ ٱللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِى * فَٱعْبُدُواْ مَا شِئْتُمْ مِّن دُونِهِ } ، أمر توبيخ وتهديد ، كقوله : { ٱعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ } [ فصلت : 40 ] ، { قُلْ إِنَّ ٱلْخَـٰسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُم وَأَهْلِيهِمْ } ، أزواجهم وخدمهم ، { يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } , قال ابن عباس : وذلك أن الله جعل لكل إنسان منزلاً في الجنة وأهلاً ، فمن عمل بطاعة الله كان ذلك المنزل والأهل له ، ومن عمل بمعصية الله دخل النار ، وكان ذلك المنزل والأهل لغيره ممن عمل بطاعة الله . وقيل : خُسران النفس بدخول النار ، وخُسران الأهل بأن يفرق بينه وبين أهله ، { أَلاَ ذَلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ } . { لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ ٱلنَّارِ } ، أطباق سرادقات من النار ودخانها ، { وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ } ، فراش ومهاد من نار إلى أن ينتهي إلى القعر ، وسُمي الأسفل ظُلَلاً لأنها ظلل لمن تحتهم نظيرها قوله عزّ وجلّ : { لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ } [ الأعراف : 41 ] . { ذَٰلِكَ يُخَوِّفُ ٱللهُ بِهِ عِبَادَهُ يٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ } . { وَٱلَّذِينَ ٱجْتَنَبُواْ ٱلطَّـٰغُوتَ } ، الأوثان ، { أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوۤاْ إِلَى ٱللهِ } ، رجعوا إلى عبادة الله ، { لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ } ، في الدنيا والجنة في العقبى ، { فَبَشِّرْ عِبَادِ * ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ } ، القرآن ، { فَيَـتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } , قال السدي : أحسن ما يؤمرون به فيعملون به . وقيل : هو أن الله تعالى ذكر في القرآن الانتصار من الظالم وذكر العفو ، والعفو أحسنُ الأمرين . وقيل : ذكر العزائم والرخص فيتبعون الأحسن وهو العزائم . وقيل : يستمعون القرآن وغير القرآن فيتبعون القرآن . وقال عطاء عن ابن عباس : آمن أبو بكر بالنبي صلى الله عليه وسلم فجاءه عثمان ، وعبد الرحمن بن عوف ، وطلحة ، والزبير ، وسعد بن أبي وقاص ، وسعيد بن زيد ، فسألوه فأخبرهم بإيمانه فآمنوا ، فنزلت فيهم : { فَبَشِّرْ عِبَادِ * ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ فَيَـتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } ، وكله حسن . { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَاهُمُ ٱللهُ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمْ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَـٰبِ } . وقال ابن زيد : نزلت { وَٱلَّذِينَ ٱجْتَنَبُواْ ٱلطَّـٰغُوتَ } الآيتان ، في ثلاثة نفر كانوا في الجاهلية يقولون : لا إله إلا الله ، زيد بن عمرو بن نفيل ، وأبو ذر الغفاري ، وسلمان الفارسي . والأحسن : قولُ لا إله إلا الله . { أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ } ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : من سبق في علم الله أنه من أهل النار . وقيل : كلمة العذاب قوله : { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ } وقيل : قوله : " هؤلاء في النار ولا أبالي " . { أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِى ٱلنَّارِ } ، أي : لا تقدر عليه . قال ابن عباس : يريد أبا لهب وولده . { لَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ } ، أي : منازل في الجنة رفيعة ، وفوقها منازل أرفع منها ، { تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ وَعْدَ ٱللهِ لاَ يُخْلِفُ ٱللهُ ٱلْمِيعَادَ } ، أي : وعدهم الله تلك الغرف والمنازل وعداً لا يخلفه . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد ابن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثني عبد العزيز بن عبد الله ، حدثني مالك عن صفوان بن سليم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " « إن أهل الجنة يتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق والمغرب لتفاضل ما بينهم » ، قالوا : يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم ، قال : « بلى والذي نفسي بيده ، رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين » " .