Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 117-118)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إلاَّ إِنَـٰثاً } ، نزلت في أهل مكة ، أي : ما يعبدون ، كقوله تعالى { وَقَالَ رَبُّكُـمُ ٱدْعُونِى } [ غافر : 60 ] أي : اعبدوني ، بدليل قوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي } [ غافر : 60 ] ، قوله : { مِن دُونِهِ } أي : من دون الله ، { إِلاَّ إِنَـٰثاً } أراد بالإِناث الأوثان لأنهم كانوا يسمونها باسم الإِناث ، فيقولون : اللاّت والعزى ومناة ، وكانوا يقولون لصنم كل قبيلة : أُنثَى بني فلان فكان في كل واحدة منهن شيطان يتراءى للسدنة والكهنة ويكلمهم ، ولذلك قال : { وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَـٰناً } هذا قول أكثر المفسرين . يدل على صحة هذا التأويل - أن المراد بالإِناث الأوثان - : قراءة ابن عباس رضي الله عنه { إنْ يدعُون إلاّ إناثاً } ، جَمْعُ جمعِ الوثن فصيَّر الواو همزة ، وقال الحسن وقتادة إلاّ إناثاً أي : مواتاً لا روح فيه ، لأن أصنامهم كانت من الجمادات ، سمّاها إناثاً لأنه يخبر عن الموات ، كما يخبر عن الإِناث ، ولأن الإِناث أدون الجنسين ، كما أن الموات أرذل من الحيوان ، وقال الضحاك : أراد بالإِناث الملائكة ، وكان بعضهم يعبدون الملائكة ويقولون : الملائكة إناث ، كما قال الله تعالى : { وَجَعَلُواْ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَـٰثاً } [ الزخرف : 19 ] { وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَّرِيداً } أي : وما يعبدون إلاّ شيطاناً مريداً لأنهم إذا عبدُوا الأصنام فقد أطاعوا الشيطان ، والمريد : المارد ، وهو المتمرد العاتي الخارج عن الطاعة ، وأراد : إبليس . { لَّعَنَهُ ٱللَّهُ } ، أي : أبعده من رحمته ، { وَقَالَ } ، يعني : قال إبليس ، { لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً } ، أي : حظاً معلوماً ، فما أُطيع فيه إبليس فهو مفروضه ، وفي بعض التفاسير : من كل ألفٍ واحدٌ لله تعالى وتسعمائة وتسعة وتسعون لإِبليس ، وأصل الفرض في اللغة : القطع ، ومنه الفرضة في النهر وهي الثلمة تكون فيه ، وفرض القوس والشِّراك : للشَّقِّ الذي يكون فيه الوَتَر والخيط الذي يشد به الشراك .