Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 140-141)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَابِ } ، قرأ عاصم ويعقوب { نزل } بفتح النون والزاي ، أي : نزل الله ، وقرأ الآخرون { نزل } بضم النون وكسر الزاي ، أي : عليكم يا معشر المسلمين ، { أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ ءَايَـٰتِ ٱللَّهِ } ، يعني القرآن ، { يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ } ، يعني : مع الذين يستهزؤون ، { حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ } ، أي : يأخذوا في حديث غير الاستهزاء بمحمد صلّى الله عليه وسلم والقرآن ، وهذا إشارة إلى ما أنزل الله في سورة الأنعام { وَإِذَا رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِيۤ آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ } [ الأنعام : 68 ] . وقال الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما : دخل في هذه الآية كلُّ مُحْدِث في الدين وكلّ مُبتدع إلى يوم القيامة ، { إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ } ، أي : إن قعدتم عندهم وهم يخوضون ويستهزؤون ورضيتم به فأنتم كفار مثلهم ، وإن خاضوا في حديث غيره فلا بأس بالقعود معهم مع الكراهة ، وقال الحسن : لا يجوز القعود معهم وإن خاضوا في حديث غيره ، لقوله تعالى : { وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيْطَـٰنُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ ٱلذِّكْرَىٰ مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ } ، والأكثرون على الأول . وآية الأنعام مكية وهذه مدنية والمتأخر أوْلَى : { إِنَّ ٱللَّهَ جَامِعُ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ وَٱلْكَـٰفِرِينَ فِى جَهَنَّمَ جَمِيعاً } . { ٱلَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ } ، [ ينتظرون بكم الدوائر ] ، يعني : المنافقين ، { فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ ٱللَّهِ } ، يعني : ظفر وغنيمة ، { قَالُواْ } ، لكم { أَلَمْ نَكُنْ مَّعَكُمْ } ، على دينكم في الجهاد ، كنا معكم فاجعلوا لنا نصيباً من الغنيمة ، { وَإِن كَانَ لِلْكَـٰفِرِينَ نَصِيبٌ } ، يعني دولة وظهور على المسلمين ، { قَالُواْ } ، يعني : المنافقين للكافرين ، { أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ } ، والاستحواذ : هو الاستيلاء والغلبة ، قال تعالى : { ٱسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ } [ المجادلة : 19 ] أي : استولى وغلب ، يقول : ألم نخبركم بعورة محمد صلّى الله عليه وسلم وأصحابه ونُطلعكم على سرهم ؟ قال المبرِّد : يقول المنافقون للكفار ألم نغلبكم على رأيكم { وَنَمْنَعْكُمْ } ، ونصرفكم ، { مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } ، أي : عن الدخول في جملتهم ، وقيل : معناه ألم نستول عليكم بالنصرة لكم ونمنعكم من المؤمنين ؟ أي : ندفع عنكم صولة المؤمنين بتخذيلهم عنكم ومراسلتنا إيّاكم بأخبارهم وأمورهم ، ومُرادُ المنافقين بهذا الكلام إظهارُ المنة على الكافرين . { فَٱللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } ، يعني : بين أهل الإِيمان وأهل النفاق ، { وَلَن يَجْعَلَ ٱللَّهُ لِلْكَـٰفِرِينَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً } ، قال عليُّ : في الآخرة ، وقال عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهم : أي حجة ، وقيل : ظهوراً على أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم .