Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 18-19)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَيْسَتِ ٱلتَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ } ، يعني : المعاصي { حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ } ، ووقع في النزع ، { قَالَ إِنِّي تُبْتُ ٱلآنَ } ، وهي حال السَّوق حين تُساق روحه ، لا يُقبل من كافر إيمانٌ ولا من عاصٍ توبة ، قال الله تعالى : { فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَـٰنُهُمْ لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا } [ غافر : 85 ] ، ولذلك لم ينفع إيمان فرعون حين أدركه الغرق . { وَلاَ ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـٰئِكَ أَعْتَدْنَا } ، أي : هيأنا وأعددنا ، { لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } . { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ ٱلنِّسَآءَ كَرْهاً } نزلت في أهل المدينة كانوا في الجاهلية وفي أول الإِسلام ، إذا مات الرجل وله امرأة جاء ابنه من غيرها أو قريبه من عصبته فألقى ثوبَه على تلك المرأة وعلى خبائها ، فصار أحق بها من نفسها ومن غيره ، فإن شاء تزوجها بغير صداق إلا الصداق الأول الذي أصدقها الميت ، وإن شاء زوجها غيره وأخذ صداقها ، وإن شاء عضلها ومنعها من الأزواج يضارّها لتفتدي منه بما ورثته من الميت ، أو تموت هي فيرثها ، فإن ذهبت المرأة إلى أهلها قبل أن يلقي عليها ولي زوجها ثوبَه فهي أحق بنفسها ، فكانوا على هذا حتى توفي أبو قيس بن الأسلت الأنصاري وترك امرأتَه كبيشة بنت معن الأنصارية ، فقام ابن له من غيرها يقال له حصن ، وقال مقاتل بن حيان : اسمه قيس بن أبي قيس ، فطرح ثوبه عليها فورث نكاحها ، ثم تركها ولم ينفق عليها ، يضارّها لتفتدي منه ، فأتت كبيشةُ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إن أبا قيس توفي ووَرِثَ نكاحي ابنه فلا هو ينفق علي ولا يدخل بي ولا يخلّي سبيلي ، فقال : " اقعدي في بيتك حتى يأتي فيك أمرُ الله " ، فأنزل الله تعالى هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا لا يحلُّ لكم أن ترثُوا النساءَ كَرْهاً ) . قرأ حمزة والكسائي : كُرهاً بضم الكاف ، هاهنا وفي التوبة وقرأ الباقون بالفتح ، قال الكسائي : هما لغتان . قال الفراء : الكَره بالفتح ما أُكره عليه ، وبالضم ما كان من قِبَل نفسه من المشقة . { وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَآ ءَاتَيْتُمُوهُنَّ } ، أي : لا تمنعوهنّ من الأزواج لتضجر فتفتدي ببعض مالها ، قيل : هذا خطاب لأولياء الميت ، والصحيح أنه خطاب للأزواج . قال ابن عباس رضي الله عنهما : هذا في الرجل تكون له المرأة وهو كاره لصحبتها ولها عليه مهر فيُضارّها لتفتدي وتردّ إليه ما ساق إليها من المهر ، فنهى الله تعالى عن ذلك ، ثم قال : { إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ } فحينئذٍ يحل لكم إضرارهنّ ليفتدين منكم . واختلفوا في الفاحشة ، فقال ابن مسعود وقتادة : هي النشوز ، وقال بعضهم وهو قول الحسن : هي الزنا ، يعني : المرأة إذا نشزَتْ ، أو زَنَتْ حلَّ للزوج أن يسألها الخلع ، وقال عطاء : كان الرجل إذا أصابتْ امرأتُه فاحشةً أخذ منها ما ساق إليها وأخرجها فنسخ الله تعالى ذلك بالحدود . وقرأ ابن كثير وأبو بكر { مبيَّنة ، ومبيَّنات } بفتح الياء ، وافق أهل المدينة والبصرة في { مبيّنات } والباقون بكسرها . { وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ } ، قال الحسن : رجع إلى أول الكلام ، يعني { وَآتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً } { وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ } والمعاشرة بالمعروف : هي الإِجمال في القول والمبيت والنفقة ، وقيل : هو أن يتصنَّع لها كما تتصنّع له ، { فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً } ، قيل : هو ولد صالح ، أو يَعْطِفَه الله عليها .