Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 12-12)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عزّ وجلّ { وَلَقَدْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَـٰقَ بَنِىۤ إِسْرَٰءِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ ٱثْنَىْ عَشَرَ نَقِيباً } ، وذلك أنّ الله عزّ وجلّ وعد موسى عليه السلام أن يورثه وقومه الأرض المقدسة وهي الشام ، وكان يسكنها الكنعانيون الجبارون ، فلما استقرت لبني إسرائيل الدار بمصر أمرهم الله تعالى بالسير إلى أريحاء من أرض الشام وهي الأرض المقدسة ، وكانت لها ألف قرية في كل قرية ألف بستان ، وقال : ياموسى إني كتبتها لكم داراً وقراراً فاخرج إليها وجاهد من فيها من العدو فإني ناصرك عليهم ، وخذ من قومك اثني عشر نقيباً من كل سبط نقيباً ، يكون كفيلاً على قومه بالوفاء منهم على ما أُمروا به ، فاختار موسى النقباء وسار موسى ببني إسرائيل حتى قربوا من أريحاء ، فبعث هؤلاء النقباء يتجسّسون له الأخبار ويعلمون علمها ، فلقيهم رجل من الجبابرة يقال له عوج بن عنق ، وكان طوله ثلاثة آلاف وثلاثمائة وثلاث وثلاثين ذراعاً وثلث ذراع ، وكان يحتجز بالسحاب ويشرب منه ويتناول الحوت من قرار البحر فيشويه بعين الشمس يرفعه إليها ثم يأكله . ويُروى أن الماء طبق ما على الأرض من جبل وما جاوز ركبتي عوج وعاش ثلاثة آلاف سنة حتى أهلكه الله على يدي موسى عليه السلام ، وذلك أن جاء [ وقلع ] صخرة من الجبل على قدر عسكر موسى عليه السلام ، وكان فرسخاً في فرسخ ، وحملها ليطبقها عليهم فبعث الله الهدهد فقوّر الصخرة بمنقاره فوقعت في عنقه فصرعته ، فأقبل موسى عليه السلام وهو مصروع فقتله ، وكانت أمه [ عنق ] إحدى بنات آدم وكان مجلسها [ جريباً ] من الأرض ، فلما لقي عوج النقباء وعلى رأسه حزمة حطب أخذ الاثني عشر وجعلهم في حجزته وانطلق بهم إلى امرأته ، وقال : انظري إلى هؤلاء الذين يزعمون أنهم يريدون قتالنا ، وطرحهم بين يديها وقال : ألا أطحنهم برجلي ؟ فقالت امرأته : لا بل خلِّ عنهم حتى يخبروا قومهم بما رأوا ، ففعل ذلك . ورُوي أنه جعلهم في كُمِّه وأتى بهم إلى الملك فطرحهم بين يديه ، فقال الملك : ارجعوا فأخبروهم بما رأيتم ، وكان لا يحمل عنقوداً من عنبهم إلا خمسة أنفس منهم في خشبة ، ويدخل في شطر الرمانة إذا نزع منها حبها خمسة أنفس ، فرجع النقباء وجعلوا يتعرفون أحوالهم ، وقال بعضهم لبعض : يا قوم ، إنكم إن أخبرتم بني إسرائيل خبر القوم ارتدوا عن نبي الله ولكن اكتموا ، وأخبروا موسى وهارون فيريان رأيهما وأخذ بعضهم على بعض الميثاق بذلك ، ثم أنهم نكثوا العهد وجعل كل واحد منهم ينهى سبطه عن قتالهم ويخبرهم بما رأى إلاّ رجلان ، فذلك قوله تعالى : { وَلَقَدْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَـٰقَ بَنِىۤ إِسْرَٰءِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ ٱثْنَىْ عَشَرَ نَقِيباً } . { وَقَالَ ٱللَّهُ إِنِّى مَعَكُمْ } ، ناصركم على عدوكم ، ثم ابتدأ الكلام فقال : { لَئِنْ أَقَمْتُمُ ٱلصَّلوٰةَ } ، يا معشر بني إسرائيل ، { وَءَاتَيْتُمْ ٱلزَّكَوٰةَ وَءَامَنتُم بِرُسُلِى وَعَزَّرْتُمُوهُمْ } ، نصرتموهم ، وقيل : ووقّرتموهم وعظمتموهم ، { وَأَقْرَضْتُمُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً } ، قيل : هو إخراج الزكاة ، وقيل : هو النفقة على الأهل ، { لأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَـٰتِكُمْ } ، لأمحونّ عنكم سيئاتكم ، { وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ } ، أي : أخطأ قصد السبيل ، يريد طريق [ الحق ] ، وسواء كل شيء : وسطه .