Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 1-1)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ } ، أي : بالعهود ، قال الزجاج : هي أوكد العهود ، يقال : عاقدتُ فلاناً وعقدتُ عليه أي : ألزمتُه ذلك باستيثاق ، وأصله من عقد الشيء بغيره ووصله به ، كما يُعقد الحبل بالحبل [ إذا وُصل ] . واختلفوا في هذه العقود ، قال ابن جُريج : هذا خطاب لأهل الكتاب ، يعني : يا أيّها الذين آمنُوا بالكتب المتقدمة أوْفُوا بالعهود التي عهدتُها إليكم في شأن محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو قوله : { وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَـٰقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ } [ آل عمران : 187 ] . وقال الآخرون : هو عام ، قال قتادة : أراد بها الحِلْف الذي تعاقدوا عليه في الجاهلية ، قال ابن مسعود رضي الله عنه : هي عهود الإيمان والقرآن ، وقيل : هي العقود التي يتعاقدها الناس بينهم . { أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ ٱلأَنْعَامِ } ، قال الحسن وقتادة : هي الأنعام كلّها ، وهي الإبل والبقر والغنم ، وأراد تحليل ما حرّم أهل الجاهلية على أنفسهم من الأنعام . وروى أبو ظبيان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : بهيمة الأنعام هي الأجنّة ، ومثله عن الشعبي قال : هي الأجنّة التي تُوجد ميتة في بطون أمهاتها إذا ذُبحت أو نحرت ، ذهب أكثر أهل العلم إلى تحليله . [ قال الشيخ الإمام ] : قرأتُ على أبي عبدالله محمد بن الفضل الخرقي فقلتُ : قُرىء على أبي سهل محمد بن عمر بن طرفة وأنتَ حاضر ، فقيل له : حدثكم أبو سليمان الخطابي أنا أبو بكر بن داسة أنا أبو داود السجستاني أنا مسدد أنا هشيم عن مجالد عن أبي الوداك " عن أبي سعيد رضي الله عنهم قال قلنا : يا رسول الله ، ننحر الناقة ونذبح البقرة والشاة فنجد في بطنها الجنين ، أنلقيه أم نأكله ؟ فقال : « كلوه إنْ شئتُمْ فإنّ ذكاتَه ذكاةُ أمّه » " وروى أبو الزبير عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ذكاة الجنين ذكاة أمّه " وشرط بعضهم الإشعار ، قال ابن عمر : ذكاة ما في بطنها في ذكاتها إذا تَمَّ خلقُه ونبتَ شعرُه ، ومثله عن سعيد بن المسيب . وعند أبي حنيفة رضي الله عنه : لا يحلُّ أكل الجنين إذا خرج ميتاً بعد ذكاة الأم . وقال الكلبي : بهيمة الأنعام : وَحْشِيُّها ، وهي الظباء وبقر الوحش ، سُميت بهيمةٌ لأنها أُبهمت عن التمييز ، وقيل : لأنها لا نطق لها ، { إِلاَّ مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ } ، أي : ما ذُكر في قوله : " حُرّمتْ عليكم الميتةُ " إلى قوله : " وما ذُبِحَ على النُّصُب " ، { غَيْرَ مُحِلِّى ٱلصَّيْدِ } ، وهو نصب على الحال ، أي : لا مُحلّي الصيد ، ومعنى الآية : أُحلّتْ لكم بهيمةُ الأنعام كلّها إلا ما كان منها وحشياً ، فإنه صيدٌ لا يحِلّ لكم في حال الإحرام ، فذلك قوله تعالىٰ : { وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ ٱللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ } .