Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 28-30)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لَئنْ بَسََطتَ } أي : مددت ، { إِلَىَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِى مَآ أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِىَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّىۤ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } ، قال عبدالله بن عمر : وايم الله إن كان المقتول لأشد الرجلين ولكن منعه التحرج أن يبسط إلى أخيه يده ، وهذا في الشرع جائز لمن أريد قتله أن ينقاد ويستسلم طلباً للأجر ، كما فعل عثمان رضي الله عنه ، قال مجاهد : كتب عليهم في ذلك الوقت إذا أراد رجل قتل رجل أن لا يمتنع ويصبر . { إِنِّىۤ أُرِيدُ أَن تَبُوءَ } ، ترجع ، وقيل : تحمل ، { بِإِثْمِى وَإِثْمِكَ } ، أي : بإثم قتلي إلى إثمك ، أي : إثم معاصيك التي عملت من قبل ، هذا قول أكثر المفسرين . وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : معناه إني أريد أن تكون عليك خطيئتي التي عملتها أنا إذا قتلتني وإثمك فتبوء بخطيئتي ودمي جميعاً ، وقيل : معناه أن ترجع بإثم قتلي وإثم معصيتك التي لم يتقبل لأجلها قربانك ، أو إثم حسدك . فإن قيل : كيف قال إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك ، وإرادة القتل والمعصية لا تجوز ؟ قيل ذلك ليس بحقيقة إرادة ولكنه لما علم أنه يقتله لا محالة وَطَّنَ نفسه على الاستسلام طلباً للثواب فكأنه صار مريداً لقتله مجازاً ، وإن لم يكن مريداً حقيقة ، وقيل : معناه إني أريد أن تبوء بعقاب قتلي فتكون إرادة صحيحة ، لأنها موافقة لحكم الله عزّ وجلّ ، فلا يكون هذا إرادة للقتل ، بل لموجب القتل من الإثم والعقاب ، { فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَـٰبِ ٱلنَّارِ وَذَلِكَ جَزَآءُ ٱلظَّـٰلِمِينَ } . قوله عزّ وجلّ : { فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ } ، أي : طاوعته وشايعته وعاونته ، { قَتْلَ أَخِيهِ } ، أي في قتل أخيه ، [ وقال مجاهد : فشجعته ، وقال قتادة : فزينتْ له نفسُه ، وقال يمان : سهّلت له نفسه ذلك ، أي : جعلته سهلاً ] تقديره : صوّرت له نفسه أن قتل أخيه طوع له أي سهل عليه ، فقتله فلما قصد قابيل قتل هابيل لم يدر كيف يقتله ، قال ابن جريج : فتمثل له إبليس وأخذ طيراً فوضع رأسه على حجر ثم شدخ رأسه بحجر آخر وقابيل ينظر إليه فعلّمه القتل ، فرضخ قابيل رأس هابيل بين حجرين ، قيل : قتل وهو مستسلم ، وقيل : اغتاله وهو في النوم فشدخ رأسه فقتله ، وذلك قوله تعالى : { فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ } ، وكان لهابيل يوم قتل عشرون سنة . واختلفوا في موضع قتله [ قيل : بالبصرة في موضع المسجد الأعظم فَاسْوَدَّ جسم القاتل وسأله آدم عليه السلام عن أخيه فقال لم أكن عليه وكيلاً فقال : بل قتلته ولذلك اسودَّ جسدك ، مكث آدم مائة سنة لم يضحك قط منذ قتله ] . قال ابن عباس رضي الله عنهما : على جبل [ ثور ] ، وقيل : عند عقبة حراء ، فلما قتله تركه بالعراء ولم يدر ما يصنع به لأنه كان أول ميت على وجه الأرض من بني آدم ، وقصدته السباع ، فحمله في جراب على ظهره أربعين يوماً ، وقال ابن عباس : سنةً ، حتى أروح ، وعكفت عليه الطير والسباع تنتظر متى يرمي به فتأكله ، فبعث الله غرابين فاقتتلا ، فقتل أحدهما صاحبه ثم حفر له بمنقاره وبرجله حتى مكّن له ثم ألقاه في الحفرة وواراه ، وقابيل ينظر إليه .