Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 5-5)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عزّ وجلّ : { ٱلْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَـٰتُ } ، يعني : الذبائح على اسم الله عزّ وجلّ ، { وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ حِلٌّ لَّكُمْ } ، يريد ذبائح اليهود والنصارى ومن دخل في دينهم من سائر الأمم قبل مبعث محمد صلى الله عليه وسلم حلالٌ لكم ، فأمّا من دخل في دينهم بعد مبعث محمد فلا تحلّ ذبيحتُه ، ولو ذبح يهودي أو نصراني على اسم غير الله كالنصراني يذبح باسم المسيح فاختلفوا فيه ، قال ابن عمر : لا يحلّ وهو قول ربيعة ، وذهب أكثر أهل العلم إلى أنه يحلّ وهو قول الشعبي وعطاء والزهري ومكحول ، سُئل الشعبي ومكحول عن النصراني يذبح باسم المسيح ، قالا : يَحِلُّ فإن الله تعالى قد أحلّ ذبائحهم وهو يعلم ما يقولون ، وقال الحسن : إذا ذبح اليهودي أو النصراني فذكر اسم غير الله وأنت تسمع فلا تأكله إذا غاب عنك فكُلْ فقد أحلّ الله لك . قوله عزّ وجلّ : { وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ } ، فإن قيل : كيف شرع لهم حِلّ طعامنا وهم كفار ليسوا من أهل الشرع ؟ قال الزجاج : معناه حلال لكم أن تطعموهم فيكون خطاب الحِلّ مع المسلمين ، وقيل : لأنه ذكر عقيبه حكم النساء ، ولم يذكر حِلَّ المسلمات لهم فكأنه قال حلالٌ لكم أن تطعموهم حرامٌ عليكم أن تُزوّجوهم . قول عزّ وجلّ : { وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلْمُؤْمِنَـٰتِ وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِكُمْ } ، هذا راجع إلى الأول منقطع عن قوله : { وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ } . اختلفوا في معنى { ٱلْمُحْصَنَـٰت } ، فذهب أكثر العلماء إلى أنّ المراد منهن الحرائر ، وأجازوا نكاح كل حرة مؤمنة كانت أو كتابية ، فاجرة كانت أو عفيفة ، وهو قول مجاهد . وقال هؤلاء : لا يجوز للمسلم نكاح الأمة الكتابية لقوله تعالىٰ : { فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُم مِّن فَتَيَـٰتِكُمُ المُؤْمِنَاتِ } [ النساء : 25 ] جوّز نكاح الأمة بشرط أن تكون الأمة مؤمنة ، وجوّز أكثرُهم نكاح الأمة الكتابية الحربية ، وقال ابن عباس : لا يجوز وقرأ { قَـٰتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ } إلى قوله : { حَتَّىٰ يُعْطُواْ ٱلْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَـٰغِرُونَ } [ التوبة : 29 ] فمن أعطى الجزية حَلّ لنا نساؤه ومن لم يعطِها فلا يحلّ لنا نساؤه . وذهب قوم إلى أن المراد من المحصنات في الآية : العفائف من الفريقين حرائرَ كُنّ أو إماء وأجازوا نكاح الأمة الكتابية ، وحرّموا البغايا من المؤمنات والكتابيات ، وهو قول الحسن ، وقال الشعبي : إحصان الكتابية أن تستعف من الزنا وتغتسل من الجنابة . { إِذَآ ءَاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } مهورهن { مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ } ، غير مُعالنين بالزنا ، { وَلاَ مُتَّخِذِىۤ أَخْدَانٍ } ، أي : يسرون بالزنا ، قال الزجاج : حرّم الله الجماع على جهة السفاح وعلى جهة اتّخاذ الصديقة ، وأحلّه على جهة الإحصان وهو التزوّج . { وَمَن يَكْفُرْ بِٱلإِيمَـٰنِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِى ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ } ، قال مقاتل بن حيان : يقول ليس إحصان المسلمين إيّاهنّ بالذي يخرجهنّ من الكفر أو يغني عنهنّ شيئاً وهي للناس عامة ، { وَمَن يَكْفُرْ بِٱلإِيمَـٰنِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِى ٱلاَْخِرَةِ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ } . قال ابن عباس ومجاهد في معنى قوله تعالىٰ : { وَمَن يَكْفُرْ بِٱلإِيمَـٰنِ } ، أي : بالله الذي يجب الإيمانُ به . وقال الكلبي : بالإيمان أي : بكلمة التوحيد وهي شهادة أن لا إلٰه إلاّ الله . وقال مقاتل : بما أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وهو القرآن ، وقيل : ومن يكفر بالإيمان ، أي : يستحلّ الحرامَ ويحرّم الحلالَ فقد حَبِط عمله ، وهو في الآخرة من الخاسرين ، قال ابن عباس : خسر الثواب .