Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 65-67)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَوْ أنّ أَهْلَ الكِتَابِ آمَنُوا } ، بمحمد صلى الله عليه وسلم ، { وَٱتَّقُواْ } ، الكفرَ ، { لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَـٰتِهِمْ وَلأَدْخَلْنَـٰهُمْ جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِيمِ } . { وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنجِيلَ } ، يعني : أقاموا أحكامهما وحدودهما وعملوا بما فيهما ، { وَمَآ أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ } ، يعني : القرآن ، وقيل : كتب أنبياء بني إسرائيل ، { لأَكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم } ، قيل : من فوقهم هو المطر ، ومن تحت أرجلهم نبات الأرض . قال ابن عباس رضي الله عنهما : لأنزلتُ عليهم القطر وأخرجتُ لهم من نبات الأرض . وقال الفراء : أراد به التوسعة في الرزق كما يقال : فلان في الخير من قرنه إلى قدمه ، ونظيره قوله تعالى : { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوْاْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَـٰتٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } [ الأعراف : 96 ] . { مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ } ، يعني : مؤمني أهل الكتاب ، عبدالله بن سلام وأصحابه ، مقتصدة أي عادلة غير غالية ، ولا مقصرة جافية . ومعنى الاقتصاد في اللغة : الاعتدال في العمل من غير غلوّ ولا تقصير . { وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ } ، كعب بن الأشرف وأصحابه ، { سَآءَ مَا يَعْمَلُونَ } ، بئس شيئاً عملهم ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : عملوا القبيح مع التكذيب بالنبيّ صلى الله عليه وسلم . قوله عزّ وجلّ : { يَـٰۤأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } ، رُوي عن مسروق قال : قالت عائشة رضي الله عنها : من حدثك أن محمداً صلى الله عليه وسلم كتم شيئاً مما أنزل الله فقد كذب ، وهو يقول : { يَـٰۤأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } الآية . روى الحسن : أنّ الله تعالى لما بعث رسوله ضاق ذرعاً وعرف أنّ من الناس من يكذبه ، فنزلت هذه الآية . وقيل : نزلت في عيب اليهود ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم دعاهم إلى الإسلام ، فقالوا : أسلمنا قبلك وجعلوا يستهزؤون به ، فيقولون له : تريد أن نتخذك حناناً كما اتّخذت النصارى عيسى ابن مريم حناناً ، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك سكت فنزلت هذه الآية ، وأمره أن يقول لهم : " يا أهل الكتاب لستْم على شيء " الآية . وقيل : بلّغ ما أُنزل إليك من الرجم والقصاص ، نزلتْ في قصة اليهود . وقيل : نزلت في أمر زينب بنت جحش ونكاحها . وقيل : في الجهاد ، وذلك أن المنافقين كرهوه ؛ كما قال الله تعالى : { فَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا ٱلْقِتَالُ رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ ٱلْمَغْشِىِّ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ } [ محمد : 20 ] ، وكرهه بعض المؤمنين قال الله تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوۤاْ أَيْدِيَكُمْ } [ النساء : 77 ] الآية . فكان النبي صلى الله عليه وسلم يمسك في بعض الأحايين عن الحث على الجهادِ لما يعلم من كراهة بعضهم ، فأنزل الله هذه الآية . قوله تعالى : { وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ } قرأ أهل المدينة " رسالاته " على الجمع والباقون رسالته على التوحيد .