Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 53, Ayat: 1-7)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱلنَّجْمُ إِذَا هَوَىٰ } قال ابن عباس في رواية الوالبي والعوفي : يعني الثريا إذا سقطت وغابت ، وهُوِيُّهُ مَغِيبُه ، والعرب تسمي الثريا نجماً . وجاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : " ما طلع النجم قطُّ وفي الأرض من العاهة شيء إلاّ رُفع " وأراد بالنجم الثريا . وقال مجاهد : هي نجوم السماء كلها حين تغرب ، لفظه واحد ومعناه الجمع ، سُمي الكوكب نجماً لطلوعه ، وكل طالع نجم ، يقال : نَجَمَ السِنُّ ، والقرنُ والنبتُ : إذا طلع . وروي عن عكرمة عن ابن عباس : أنه الرجوم من النجوم ، يعني ما تُرمى بها الشياطين عند استراقهم السمع . وقال أبو حمزة : الثمالي هي النجوم إذا انتثرت يوم القيامة . وقيل : المراد بالنجم القرآن ، سُمي نجماً لأنه نزل نجوماً متفرقة في عشرين سنة ، وسمي التفريق : تنجيماً ، والمفرَّق : منجَّماً ، هذا قول ابن عباس في رواية عطاء ، وهو قول الكلبي . " الهُوِيُّ " : النزول من أعلى إلى أسفل . وقال الأخفش : " النجم " هو النبت الذي لا ساق له ، ومنه قوله عزّ وجلّ : { وَٱلنَّجْمُ وَٱلشَّجَرُ يَسْجُدَانِ } [ الرحمن : 6 ] ، وهُويّهُ سُقوطُه على الأرض . وقال جعفر الصادق : يعني محمداً صلى الله عليه وسلم إذ نزل من السماء ليلة المعراج ، و " الهوي " : ، النزول ، يقال : هوى يهوي هوياً إذا نزل ، مثل مضى يمضي مضياً . وجواب القسم . قوله : { مَا ضَلَّ صَـٰحِبُكُمْ } ، يعني : محمداً صلى الله عليه وسلم ما ضل عن طريق الهدى ، { وَمَا غَوَىٰ * وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } ، أي : بالهوى يريد لا يتكلم بالباطل ، وذلك أنهم قالوا : إن محمداً صلى الله عليه وسلم يقول القرآن من تلقاء نفسه . { إِنْ هُوَ } ، ما نطقه في الدين ، وقيل : القرآن ، { إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَىٰ } ، أي : وحيٌ من الله يُوحى إليه . { عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ } ، وهو جبريل ، والقُوى جمع القوة . { ذُو مِرَّةٍ } ، قوة وشدة في خلقه ، يعني جبريل . قال ابن عباس : ذو مرة يعني : ذو منظر حسن . وقال مقاتل : ذو خلق طويل حسن . { فَٱسْتَوَىٰ } ، يعني : جبريل . { وَهُوَ } ، يعني محمداً صلى الله عليه وسلم ، وأكثر كلام العرب إذا أرادوا العطف في مثل هذا أن يُظهِروا كناية المعطوف عليه ، فيقولون : استوى هو وفلان ، وقلما يقولون : استوى وفلان ، نظير هذا قوله : { أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً وَآبَآؤُنَآ } [ النمل : 67 ] ، عطف الآباء على المكنى في " كنّا " من غير إظهار نحن ، ومعنى الآية : استوى جبريل ومحمد عليهما السلام ليلة المعراج ، { بِٱلاُْفُقِ ٱلأَعْلَىٰ } ، وهو أقصى الدنيا عند مطلع الشمس ، وقيل : " فاستوى " يعني جبريل ، وهو كناية عن جبريل أيضاً أي : قام في صورته التي خلقه الله ، وهو بالأفق الأعلى ، وذلك أن جبريل كان يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم في صورة الآدميين كما كان يأتي النبيين ، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريه نفسه على الصورة التي جُبل عليها فأراه نفسه مرتين : مرة في الأرض ومرة في السماء ، فأما في الأرض ففي الأفق الأعلى ، والمراد بالأعلى جانب المشرق ، وذلك أن محمداً صلى الله عليه وسلم كان بحراء فطلع له جبريل من المشرق فسدّ الأفق إلى المغرب ، فخر رسول الله صلى الله عليه وسلم مغشياً عليه ، فنزل جبريل في صورة الآدميين فضمه إلى نفسه ، وجعل يمسح الغبار عن وجهه ، وهو قوله : { ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ } ، وأما في السماء فعند سدرة المنتهى ، ولم يره أحد من الأنبياء على تلك الصورة إلا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .