Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 58, Ayat: 1-2)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا } , الآية . نزلت في خولة بنت ثعلبة كانت تحت أوس بن الصامت , وكانت حسنة الجسم , وكان به لمم فأرادها فأبت , فقال لها : أنت عليَّ كظهر أمي ، ثم ندم على ما قال . وكان الظهار والإيلاء من طلاق أهل الجاهلية ، فقال لها : ما أظنك إلا قد حرمت عليّ . فقالت : والله ما ذاك طلاق , وأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم - وعائشة رضي الله عنها تغسل شق رأسه - فقالت : يا رسول الله إن زوجي أوس بن الصامت تزوجني وأنا شابة غنية ذات مال وأهل حتى إذا أكل مالي وأفنى شبابي وتفرق أهلي وكبر سني ظاهر مني ، وقد ندم ، فهل من شيء يجمعني وإياه تنعشني به ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حرمتِ عليه ، فقالت : يا رسول الله والذي أنزل عليك الكتاب ما ذكر طلاقاً وإنه أبو ولدي وأحب الناس إليّ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حرمت عليه ، فقالت : أشكو إلى الله فاقتي ووحدتي فقد طالت صحبتي ونفضت له بطني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أراك إلا قد حرمت عليه ، ولم أومر في شأنك بشيء ، فجعلت تراجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإذا قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : حرمتِ عليه هتفت وقالت : أشكوا إلى الله فاقتي وشدة حالي وإن لي صبية صغارا إن ضممتهم إليه ضاعوا وإن ضممتهم إلي جاعوا ، وجعلت ترفع رأسها إلى السماء وتقول : اللهم إني أشكو إليك ، اللهم فأنزِل على لسان نبيك ، وكان هذا أول ظهار في الإسلام ، فقامت عائشة تغسل شق رأسه الآخر ، فقالت : انظر في أمري جعلني الله فداءك يا نبي الله ، فقالت عائشة : اقصري حديثك ومجادلتك أما ترين وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه أخذه مثل السبات - ، فلما قضى الوحي قال لها : ادعي زوجك فدعته ، فتلا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم : { قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِي تُجَادِلُكَ } ، الآيات . قالت عائشة : تبارك الذي وسع سمعه الأصوات كلها , إن المرأة لتحاور رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا في ناحية البيت أسمع بعض كلامها ، ويخفى عليّ بعضه إذ أنزل الله : { قَدْ سَمِعَ ٱللهُ } الآيات . ومعنى قوله { قَوْلَ ٱلَّتِى تُجَادِلُكَ } تخاصمك وتحاورك وتراجعك في زوجها ، { وَتَشْتَكِىۤ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُما } ، مراجعتكما الكلام ، { إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } ، سميع لما تناجيه وتتضرع إليه , بصير بمن يشكوا إليه ، ثم ذم الظهار فقال : { ٱلَّذِينَ يُظَـٰهِرُونَ مِنكُمْ مِّن نِّسَآئِهِمْ } ، قرأ عاصم : " يظاهرون " فيها بضم الياء وتخفيف الظاء وألف بعدها وكسر الهاء ، وقرأ ابن عامر , وأبو جعفر وحمزة , والكسائي : بفتح الياء والهاء ، وتشديد الظاء ألف بعدها ، وقرأ الآخرون بفتح الياء وتشديد الظاء والهاء من غير ألف . { مَّا هُنَّ أمَّهَـٰتِهِمْ } ، أي ما اللواتي يجعلونهن من زوجاتهم كالأمهات بأمهات . وخفض التاء في " أمهاتهم " على خبر " ما " ومحله نصب كقوله : { مَا هَـٰذَا بَشَرًا } [ يوسف : 31 ] المعنى : ليس هنّ بأمهاتهم ، { إِنْ أُمَّهَـٰتِهِمْ } أي ما أمهاتهم ، { إِلاَّ ٱللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ ٱلقَولِ } ، لا يعرف في شرع { وَزُوراً } ، كذباً ، { وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ } ، عفا عنهم وغفر لهم بإيجاب الكفارة عليهم . وصورة الظهار : أن يقول الرجل لامرأته : أنت عليّ كظهر أمي ، أو أنت مني أو معي أو عندي كظهر أمي ، وكذلك لو قال : أنت عليّ كبطن أمي أو كرأس أمي أو كيد أمي أو قال بطنك أو رأسك أو يدك علي كظهر أمي , أو شبه عضواً منها بعضو آخر من أعضاء أمه فيكون ظهاراً . وعند أبي حنيفة - رضي الله عنه - إن شبهها ببطن الأم أو فرجها أو فخذها يكون ظهاراً , وإن شبهها بعضو آخر لا يكون ظهاراً . ولو قال أنت عليّ كأمي أو كروح أمي , وأراد به الإعزاز والكرامة فلا يكون ظهاراً حتى يريده ، ولو شبهها بجدته فقال : أنت عليّ كظهر جدتي يكون ظهاراً , وكذلك لو شبهها بامرأة محرَّمة عليه بالقرابة بأن قال : أنت عليّ كظهر أختي أو عمتي أو خالتي , أو شبهها بامرأة محرمة عليه بالرضاع يكون ظهاراً - على الأصح من الأقاويل - .