Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 59, Ayat: 17-17)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الله تعالى : { فَكَانَ عَـٰقِبَتَهُمَا } ، يعني الشيطان وذلك الإنسان { أَنَّهُمَا فِى ٱلنَّارِ خَـٰلِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَآءُ ٱلظَّـٰلِمِينَ } قال ابن عباس : ضرب الله هذا المثل ليهود بني النضير والمنافقين من أهل المدينة ، وذلك أن الله عزّ وجلّ أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بإجلاء بني النضير عن المدينة فدسَّ المنافقون إليهم ، وقالوا : لا تجيبوا محمداً إلى ما دعاكم ولا تخرجوا من دياركم , فإن قاتلكم فإنا معكم وإن أخرجكم خرجنا معكم ، فأجابوهم فدربوا على حصونهم وتحصنوا في ديارهم رجاء نصر المنافقين ، حتى جاءهم النبي صلى الله عليه وسلم فناصبوه الحرب يرجون نصر المنافقين ، فخذلوهم وتبرؤوا منهم كما تبرأ الشيطان من برصيصا وخذله ، فكان عاقبة الفريقين النار . قال ابن عباس رضي الله عنه : فكان الرهبان بعد ذلك في بني إسرائيل لا يمشون إلا بالتَّقِيَّة والكتمان ، وطمع أهل الفسق والفجور في الأحبار , ورموهم بالبهتان والقبيح حتى كان أمر جريج الراهب ، فلما برأه الله مما رموه به انبسطت بعده الرهبان وظهروا للناس , وكانت قصة جريج على ما : أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر , أخبرنا عبد الغافر بن محمد , حدثنا محمد بن عيسى الجلودي , حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان , حدثنا مسلم بن الحجاج , حدثني زهير بن حرب , حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا جرير بن حازم , حدثنا محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة عيسى ابن مريم عليه السلام ، وصاحب جريج ، وصاحب يوسف " . وكان جريج رجلاً عابداً فاتخذ صومعة فكان فيها فأتته أمه وهو يصلي فقالت : يا جريج ، فقال : يا رب أمي وصلاتي ؟ فأقبل على صلاته ، فانصرفت ، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي ، فقالت : يا جريج ، فقال : أي رب أمي وصلاتي ؟ فأقبل على صلاته ، فقالت : اللهم لا تمته حتى ينظر إلى وجوه المومسات . فتذاكر بنو إسرائيل جريجاً وعبادته ، وكانت امرأة بغي يتمثل بحسنها ، فقالت : إن شئتم لأفتننَّه لكم . قال : فتعرضت له فلم يلتفت إليها ، فأتت راعياً كان يأوي إلى صومعته فأمكنته من نفسها فوقع عليها فحملت فلما ولدت قالت : هو من جريج ، فأتوه فاستنزلوه من صومعته وهدموا صومعته وجعلوا يضربونه ، فقال : ما شأنكم ؟ قالوا : زنيت بهذه البغية فولدت منك ، فقال : أين الصبي ؟ فجاؤوا به ، فقال : دعوني حتى أصلي فصلى فلما انصرف أتى الصبي فطعن في بطنه وقال : يا غلام من أبوك ؟ قال : فلان الراعي ، قال فأقبلوا على جريج يقبلونه ويتمسحون به ، وقالوا نبني لك صومعتك من ذهب ، قال : لا ، أعيدوها من طين كما كانت ، ففعلوا . وبينا صبي يرضع من أمه فمرّ رجل راكب على دابة فارهة وشارة حسنة ، فقالت أمه : اللهم اجعل ابني مثل هذا ، فترك الثدي وأقبل عليه ونظر إليه , فقال : اللهم لا تجعلني مثله . ثم أقبل على ثديه فجعل يرضع . قال : فكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحكي ارتضاعه بأصبعه السبابة في فمه ، فجعل يمصها . قال : ومروا بجارية وهم يضربونها ويقولون : زنيتِ وسرقتِ ، وهي تقول : حسبي الله ونعم الوكيل ، فقالت أمه : اللهم لا تجعل ابني مثلها , فترك الرضاع ونظر إليها فقال : اللهم اجعلني مثلها ، فهناك تراجعا الحديث ، فقالت : مرّ رجل حسن الهيئة فقلتُ : اللهم اجعل ابني مثله ، فقلتَ : اللهم لا تجعلني مثله ، ومروا بهذه الأمة وهم يضربونها ويقولون زنيت سرقت ، فقلتُ : اللهم لا تجعل ابني مثلها ، فقلت : اللهم اجعلني مثلها ، قال : إن ذاك الرجل كان جباراً فقلت : اللهم لا تجعلني مثله ، وإن هذه يقولون لها : زنيتِ , ولم تزنِ , وسرقتِ , ولم تسرقْ ، فقلت : اللهم اجعلني مثلها » .