Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 90-91)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُ } أي : هداهم الله ، { فَبِهُدَاهُمُ } ، فبسنتهم وسيرتهم ، { ٱقْتَدِهْ } ، الهاء فيها هاء الوقف ، وحذف حمزة والكسائي ويعقوب الهاء في الوصل ، والباقون بإثباتها وصلاً ووقفاً ، وقرأ ابن عامر : { اقتدهِ } بإشباع الهاء كسراً ، { قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ } ، ما هو ، { إِلاَّ ذِكْرَىٰ } ، أي : تذكرة وعِظَة ، { لِلْعَـٰلَمِينَ } . قوله تعالى : { وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } ، أي : ما عظّموه حق عظمته ، وقيل : ما وصفوه حق وصفه ، { إِذْ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَىْءٍ } ، قال سعيد بن جبير : جاء رجل من اليهود يقال له مالك بن الصَّيف يخاصم النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى أما تجد في التوراة أن الله يبغض الحبر السمين " ، وكان حبراً سميناً فغضب ، فقال : والله ما أنزل الله على بشر من شيء . وقال السدي : نزلت في فنحاص بن عازوراء ، وهو قائل هذه المقالة . وفي القصة : أنّ مالك بن الصيف لما سمعت اليهود منه تلك المقالة عتبوا عليه ، وقالوا : أليس أن الله أنزل التوراة على موسى ؟ فلِمَ قلتَ ما أنزل الله على بشر من شيء ؟ فقال مالك بن الصيف : أغضبني محمد فقلتُ ذلك ، فقالوا له : وأنت إذاً غضبت تقول [ على الله ] غير الحق فنزعوه من الحبرية ، وجعلوا مكانه كعب بن الأشرف . وقال ابن عباس رضي الله عنهما : " قالت اليهود : يا محمد أنزل الله عليك كتاباً ؟ قال : نعم ، قالوا : والله ما أنزل الله من السماء كتاباً ، فأنزل الله : { وما قدّرُوا اللَّهَ حقَّ قدره إذْ قالوا ما أنزلَ اللّهُ على بشرٍ من شيء } " ، فقال اللَّهُ تعالى : { قُلْ } ، لهم ، { مَنْ أَنزَلَ ٱلْكِتَـٰبَ ٱلَّذِى جَآءَ بِهِ مُوسَىٰ نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ } ، يعني : التوراة ، { تَجْعَلُونَهُ قَرَٰطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً } ، أي : تكتبون عنه دفاتر وكتباً مقطعة تبدونها ، أي : تُبدون ما تُحبون وتُخفون كثيراً من نعت محمد صلى الله عليه وسلم وآية الرجم . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو { يجعلونه } { ويبدونها } { ويخفونها } بالياء جميعاً ؛ لقوله تعالى : { وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حقَّ قَدْرِهِ } ، وقرأ الآخرون بالتاء ؛ لقوله تعالى : { مَنْ أَنزَلَ ٱلْكِتَـٰبَ ٱلَّذِى جَآءَ بِهِ مُوسَىٰ } . وقوله : { وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُوۤاْ } ، [ الأكثرون على أنها خطاب لليهود ، يقول : عُلِّمتم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم ما لم تعلموا ] ، { أَنتُمْ وَلآ ءَابَآؤُكُمْ } ، قال الحسن : جعل لهم علم ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فضيّعوه ولم ينتفعوا به . وقال مجاهد : هذا خطاب للمسلمين يذكّرهم النعمة فيما علّمهم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم . { قُلِ ٱللَّهِ } ، هذا راجع إلى قوله : { قُلْ مَنْ أَنزَلَ ٱلْكِتَـٰبَ ٱلَّذِى جَآءَ بِهِ مُوسَىٰ } ، فإن أجابوك وإلاّ فقل أنت : الله ، أي : قل أنزله الله ، { ثُمَّ ذَرْهُمْ فِى خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ } .