Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 95-98)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عزّ وجلّ : { إِنَّ ٱللَّهَ فَالِقُ ٱلْحَبِّ وَٱلنَّوَىٰ } الفلق الشق ، قال الحسن وقتادة والسدي : معناه يشق الحبة عن السنبلة والنواة عن النخلة فيخرجها منها ، والحب جمع الحبة ، وهو اسم لجميع البزور والحبوب من البر والشعير والذرة ، وكل مالم يكن له نوى ، [ وقال الزجاج : يشق الحبة اليابسة والنواة اليابسة فيخرج منهما أوراقاً خضراً . وقال مجاهد : يعني الشقين اللّذَين فيهما ، أي : يشق الحب عن النبات ويخرجه منه ويشق النّوى عن النخل ويخرجها منه ] . والنوى جمع نواة ، وهي كل ما لم يكن له حب ، كالتمر والمشمش والخوخ ونحوها . وقال الضحاك : فالق الحبّ والنّوى يعني : خالق الحبّ والنّوى ، { يُخْرِجُ ٱلْحَىَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ ٱلْمَيِّتِ مِنَ ٱلْحَىِّ ذٰلِكُمُ ٱللَّهُ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } ، تصرفون عن الحقِّ . { فَالِقُ ٱلإِصْبَاحِ } ، شاقّ عمود الصبح عن ظلمة الليل وكاشفه [ وهو أول ما يبدو من النهار ، يريد مُبدئ الصبح وموضحه ] . وقال الضحاك : خالق النهار ، والإصباح مصدر كالإقبال والإدبار وهو الإضاءة وأراد به الصبح . { وَجَعَلَ ٱلَّيْلَ سَكَناً } ، يسكن فيه خلقه ، وقرأ أهل الكوفة ، { وَجَعَلَ } على الماضي ، { ٱلَّيْلِ } ، نَصْبٌ إتّباعاً للمصحف ، وقرأ إبراهيم النخعي { فلق الإصباح } ، { وَجَعَلَ ٱلَّيْلَ سَكَناً } ، { وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ حُسْبَاناً } ، أي : جعل الشمس والقمر بحساب معلوم لا يجاوزانه ذاته حتى ينتهيا إلى أقصى منازلهم ، والحسبان مصدر كالحساب ، { ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ } . قوله عزّ وجلّ : { وَهُوَ ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلنُّجُومَ } ، أي : خلقها لكم ، ، { لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ والْبَحْرِ } . والله تعالى خلق النجوم لفوائد . أحدها هذا : وهو أن [ راكب البحر ] والسائر في القفار يهتدي بها في الليالي إلى مقاصده . والثاني أنها زينة للسماء كما قال : { وَلَقَدْ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ } [ الملك : 5 ] . ومنها رمي الشياطين ، كما قال : { وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ } [ الملك : 5 ] . { قَدْ فَصَّلْنَا ٱلأَيَـٰتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } . { وَهُوَ ٱلَّذِىۤ أَنشَأَكُم } ، خلقكم وابتدأكم ، { مِّن نَّفْسٍ وَٰحِدَةٍ } ، يعني : آدم عليه السلام ، { فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ } ، قرأ ابن كثير وأهل البصرة { فمستقرٌ } بكسر القاف ، يعني : فمنكم مستقر ومنكم مستودع ، وقرأ الآخرون بفتح القاف ، أي : فلكم مستقر ومستودع . واختلفوا في المستقر والمستودع ، قال عبدالله بن مسعود : فمستقر في الرحم إلى أن يولد ، ومستودع في القبر إلى أن يبعث . وقال سعيد بن جبير وعطاء : فمستقَر في أرحام الأمهات ومستودع في أصلاب الآباء ، وهو رواية عكرمة عن ابن عباس قال سعيد بن جبير : قال لي ابن عباس هل تزوجت قلت : لا ، قال : أما إنه ما كان مستودع في ظهرك فسيخرجه الله عزّ وجلّ . ورُوي عن أبيّ أنه قال : مستقر في أصلاب الآباء ، ومستودع في أرحام الأمّهات . وقيل : مستقر في الرحم ومستودع فوق الأرض ، قال الله تعالى : { وَنُقِرُّ فِي ٱلأَرْحَامِ مَا نَشَآءُ } [ الحج : 5 ] . وقال مجاهد : مستقر على ظهر الأرض في الدنيا ومستودع عند الله في الآخرة ، ويدل عليه قوله تعالى : { وَلَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ } [ البقرة : 36 ] . وقال الحسن : المستقر في القبر والمستودع في الدنيا ، وكان يقول : يا ابن آدم أنت وديعة في أهلك ويُوشك أن تلحق بصاحبك . وقيل : المستودع القبر والمستقر الجنة والنار ؛ لقوله عزّ وجلّ في صفة الجنة : { حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً } [ الفرقان : 76 ] ، و { سَآءَتْ مُسْتَقَرّاً } [ الفرقان : 66 ] ، { قَدْ فَصَّلْنَا ٱلأَيَـٰتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ } .