Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 60, Ayat: 1-1)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ } ، الآية . أخبرنا عبد الواحد المليحي , حدثنا أحمد بن عبد الله النعيمي , أخبرنا محمد بن يوسف , حدثنا محمد بن إسماعيل , حدثنا قتيبة بن سعيد , حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار , أخبرني الحسن بن محمد أنه سمع عبيد الله بن أبي رافع يقول سمعت علياً رضي الله عنه يقول : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد فقال : " انطلقوا حتى تأتوا ( روضة خاخ ) فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها ، قال : فانطلقنا تتعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة فإذا نحن بالظعينة ، فقلنا : أخرجي الكتاب فقالت : ما معي كتاب فقلنا : لتُخْرِجَنَّ الكتاب أو لتلقين الثياب ، قال : فأخرجته من عقاصها ، فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس بمكة من المشركين يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا حاطب ما هذا ؟ قال : يا رسول الله لا تعجل عليّ إني كنت أمراً ملصقاً في قريش - يقول : كنت حليفاً ولم أكن من أنفسها - وكان مَنْ معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم وأموالهم فأحببت - إذ فاتني ذلك من النسب فيهم - أن أتخذ عندهم يداً يحمون قرابتي , ولم أفعله ارتداداً عن ديني ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما أنه قد صدقكم ، فقال عمر : يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق ، فقال : إنه قد شهد بدراً ، وما يدريك لعل الله اطلع على من شهد بدراً فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ، فأنزل الله تعالى هذه السورة : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِٱلْمَوَدَّةِ } إلى قوله : { سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ } " . قال المفسرون : نزلت الآية في حاطب بن أبي بلتعة كما جاء في الحديث ، وذلك أن سارة مولاة أبي عمرو بن صيفي بن هاشم بن عبد مناف أتت المدينة من مكة ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتجهز لفتح مكة ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمسلمة جئت ؟ قالت : لا ، قال : أمهاجرة جئت ؟ قالت : لا ، قال : فما جاء بك ؟ قالت : كنتم الأصل والعشيرة والموالي وقد ذهبت مواليَّ وقد احتجت حاجة شديدة فقدمت عليكم لتعطوني وتكسوني وتحملوني ، فقال لها : وأين أنت من شبان مكة ؟ وكانت مغنية نائحة ، قالت : ما طلب مني شيء بعد وقعة بدر ، فحث رسول الله صلى الله عليه وسلم بني عبد المطلب وبني المطلب فأعطوها نفقة وكسوها وحملوها ، فأتاها حاطب بن أبي بلتعة حليف بني أسد بن عبد العزى ، فكتب معها إلى أهل مكة , وأعطاها عشرة دنانير , وكساها بُرْداً , على أن توصل الكتاب إلى أهل مكة , وكتب في الكتاب : من حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة , إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدكم , فخذوا حِذْركم . فخرجت سارة ، ونزل جبريل فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما فعل , فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً وعماراً والزبير وطلحة والمقداد بن الأسود وأبا مرثد فرساناً ، فقال لهم : انطلقوا حتى تأتوا " روضة خاخ " فإن بها ظعينة معها كتاب من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين ، فخذوه منها وخلوا سبيلها ، وإن لم تدفعه إليكم فاضربوا عنقها . قال : فخرجوا حتى أدركوها في ذلك المكان الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا لها : أين الكتاب فحلفت بالله ما معها ( من ) كتاب ففتحوا متاعها ( ونبشوها ) فلم يجدوا معها كتاباً ، فهموا بالرجوع ، فقال ( علي ) رضي الله عنه : والله ما كذبنا ولا كذّب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسل سيفه فقال : أخرجي الكتاب وإلا لأجردنك ولأضربن عنقك ، فلما رأت الجد أخرجته من ذؤابتها ، وكانت قد خبأته في شعرها ، فخلوا سبيلها ولم يتعرضوا لها ولا لما معها ، فرجعوا بالكتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حاطب ، فأتاه فقال : هل تعرف الكتاب ؟ قال : نعم ، قال : فما حملك على ما صنعت ؟ فقال : يا رسول الله والله ما كفرت منذ أسلمت ولا غششتك منذ نصحتك ، ولا أحببتهم منذ فارقتهم ، ولكن لم يكن أحد من المهاجرين إلا وله بمكة من يمنع عشيرته , وكنت غريباً فيهم ، وكان أهلي بين ظهرانيهم ، فخشيت على أهلي ، فأردت أن أتخذ عندهم يداً , وقد علمت أن الله ينزل بهم بأسه ، وأن كتابي لا يغني عنهم شيئاً ، فصدقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعذره . فقام عمر بن الخطاب فقال : دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق . فقال رسول الله : " وما يدريك يا عمر لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال لهم : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " ؟ فأنزل الله عزّ وجلّ في شأن حاطب : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ } . { تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِٱلْمَوَدَّةِ } ، قيل : أي المودة ، " والباء " زائدة كقوله : { وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ } [ الحج : 25 ] ، وقال الزجاج : معناه تلقون إليهم أخبار النبي صلى الله عليه وسلم ، وسِرَّه بالمودة التي بينكم وبينهم ، { وَقَدْ كَفَرُوا } ، " الواو " للحال , أي : وحالهم أنهم كفروا ، بِمَا جَآءَكُمْ مِّنَ ٱلْحَقِّ ، يعني القرآن { يُخْرِجُونَ ٱلرَّسُولَ وَإِيَّـٰكُم } ، من مكة ، { أَن تُؤْمِنُواْ } ، أي لأن آمنتم ، كأنه قال : يفعلون ذلك لإيمانكم ، { بِٱللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ } ، هذا شرط جوابه متقدم وهو قوله : { لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِٱلْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُمْ مِّنَ ٱلْحَقِّ إنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ } ، { جِهَاداً فِى سَبِيلِى وَٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِى تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِٱلْمَوَدَّة } ، قال مقاتل بالنصيحة ، { وَأَنَاْ أَعْلَمُ بِمَآ أَخْفَيْتُم } ، من المودة للكفار ، { وَمَآ أَعْلَنْتُمْ } ، أظهرتم بألسنتكم { ومَنْ يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيل } ، أخطأ طريق الهدى .