Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 60, Ayat: 5-9)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ } ، قال الزجاج : لا تظهرهم علينا فيظنوا أنهم على الحق فيفتنوا وقال مجاهد : لا تعذبنا بأيديهم ولا بعذاب من عندك فيقولون : لو كان هؤلاء على الحق ما أصابهم ذلك { وَٱغْفِرْ لَنَا رَبَّنَآ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيم } . { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ } ، أي في إبراهيم ومن معه { أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلأَخِرَ } ، هذا بدل من قوله " لكم " وبيان أن هذه الأسوة لمن يخاف الله ويخاف عذاب الآخرة ، { وَمَن يَتَوَلّ } ، يُعْرِض عن الإيمان ويوالِ الكفار ، { فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلغَنِيُّ } ، عن خلقه ، { ٱلحَمِيدُ } ، إلى أوليائه ، وأهل طاعته . قال مقاتل : فلما أمر الله المؤمنين بعداوة الكفار عادى المؤمنون أقرباءهم المشركين , وأظهروا لهم العداوة والبراءة . ويعلم الله شدة وجد المؤمنين بذلك فأنزل الله : { عَسَى ٱللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ ٱلَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم } ، أي من كفار مكة ، { مَوَدَّةً } ، ففعل الله ذلك بأن أسلم كثير منهم ، فصاروا لهم أولياء وإخواناً ، وخالطوهم وناكحوهم ، { وَٱللَّهُ قَدِيرٌ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رحيم } ، ثم رخص الله تعالى في صلة الذين لم يعادوا المؤمنين ولم يقاتلوهم فقال : { لاَّ يَنْهَـٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمْ يُقَـٰتِلُوكُمْ فِى ٱلدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِّن دِيَـٰرِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ } ، أي لا ينهاكم الله عن بر الذين لم يقاتلوكم ، { وَتُقْسِطُوۤاْ إِلَيْهِمْ } ، تعدلوا فيهم بالإحسان والبر ، { إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلمُقْسِطِين } ، قال ابن عباس : نزلت في خزاعة كانوا قد صالحوا النبي صلى الله عليه وسلم على أن لا يقاتلوه ولا يعينوا عليه أحداً ، فرخص الله في برهم . وقال عبد الله بن الزبير : نزلت في أسماء بنت أبي بكر , وذلك أن أمها قتيلة بنت عبد العزى قدمت عليها المدينة بهدايا ، ضِباباً وأقطاً وسمناً ، وهي مشركة ، فقالت أسماء : لا أقبل منك هدية ولا تدخلي عليَّ بيتي حتى أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله هذه الآية ، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تدخلها منزلها وتقبل هديتها وتكرمها وتحسن إليها . أخبرنا عبد الواحد المليحي , أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي , أخبرنا محمد بن يوسف , حدثنا محمد بن إسماعيل , حدثنا قتيبة , حدثنا حاتم عن هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : " قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومدَّتهم مع أبيها فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله إن أمي قدمت عليَّ وهي راغبة أفأصلها ؟ قال : صليها " . وروي عن ابن عيينة قال : فأنزل الله فيها { لاَّ يَنْهَـٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمْ يُقَـٰتِلُوكُمْ فِى ٱلدِّينِ } . ثم ذكر الذين نهاهم عن صلتهم فقال : { إِنَّمَا يَنْهَـٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ قَـٰتَلُوكُمْ فِى ٱلدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَـٰرِكُمْ وَظَـٰهَرُواْ عَلَىٰ إِخْرَٰجِكُمْ } ، وهم مشركو مكة ، { أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُون } .