Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 62, Ayat: 10-11)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عزّ وجلّ : { فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلأَرْضِ } ، أي إذا فرغ من الصلاة فانتشروا في الأرض للتجارة والتصرف في حوائجكم ، { وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ } ، يعني الرزق وهذا أمر إباحة ، كقوله : { وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَٱصْطَـٰدُواْ } [ المائدة : 2 ] ، قال ابن عباس : إن شئت فاخرج وإن شئت فاقعد وإن شئت فصلِّ إلى العصر ، وقيل : فانتشروا في الأرض ليس لطلب الدنيا ولكن لعيادة مريض وحضور جنازة وزيارة أخ في الله . وقال الحسن وسعيد بن جبير ومكحول : { وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ } هو طلب العلم . { وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } . قوله عزّ وجلّ : { وَإِذَا رَأَوْا تِجَـٰرَةً أَوْ لَهْواً ٱنفَضُّوۤاْ إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِماً } الآية , أخبرنا عبد الواحد المليحي , أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي , أخبرنا محمد بن يوسف , حدثنا محمد بن إسماعيل , حدثنا حفص بن عمر , حدثنا خالد بن عبد الله , أخبرنا حصين عن سالم بن أبي الجعد وعن أبي سفيان عن جابر بن عبد الله قال : أقبلت عير يوم الجمعة ونحن مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فثار الناس إلا اثني عشر رجلاً فأنزل الله : { وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَـٰرَةً أَوْ لَهْواً ٱنفَضُّوۤاْ إِلَيْهَا } . ويحتج بهذا الحديث من يرى إقامة الجمعة باثني عشر رجلاً . وليس فيه بيان أنه أقام بهم الجمعة حتى يكون حجة ، لاشتراط هذا العدد . وقال ابن عباس في رواية الكلبي : لم يبق في المسجد إلا ثمانية رهط . وقال الحسن وأبو مالك : أصاب أهل المدينة جوع وغلاء سعر فقدم دحية بن خليفة بتجارة زيت من الشام والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة ، فلما رأوه قامو إليه بالبقيع خشوا أن يسبقوا إليه ، فلم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا رهط منهم أبو بكر وعمر فنزلت هذه الآية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفس محمد بيده لو تتابعتم حتى لا يبقى منكم أحد لسال بكم الوادي ناراً " . و قال مقاتل : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إذ قدم دحية بن خليفة الكلبي من الشام بالتجارة ، وكان إذا قدم لم تبق بالمدينة عاتق إلا أتته ، وكان يقدم إذا قدم بكل ما يحتاج إليه من دقيق وبُرّ وغيره ، فينزل عند أحجار الزيت , وهو مكان في سوق المدينة , ثم يضرب بالطبل ليؤذن الناس بقدومه فيخرج إليه الناس ليبتاعوا منه ، فقدم ذات جمعة , وكان ذلك قبل أن يسلم , " ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر يخطب ، فخرج إليه الناس فلم يبق في المسجد إلا اثنا عشرة رجلاً وامرأة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " كم بقي في المسجد " ؟ فقالوا : اثني عشر رجلاً وامرأة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لولا هؤلاء لسومت لهم الحجارة من السماء " فأنزل الله هذه الآية . وأراد باللهو الطبل . وقيل : كانت العير إذا قدمت المدينة استقبلوها بالطبل والتصفيق . وقوله : { ٱنفَضُّوۤاْ إلَيْهَا } ردّ الكناية إلى التجارة لأنها أهم . وقال علقمة : سئل عبد الله بن عمر : أكان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائماً أو قاعداً ؟ قال : أما تقرأ { وَتَرَكُوكَ قَائِماً } . أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب , أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الخلال , حدثنا أبو العباس الأصم , أخبرنا الربيع , أخبرنا الشافعي , أخبرنا إبراهيم بن محمد , أخبرني جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله : كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة خطبتين قائماً يفصل بينهما بجلوس . أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر , أخبرنا عبد الغافر بن محمد , أخبرنا محمد بن عيسى , حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان , حدثنا مسلم بن الحجاج , حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة , أخبرنا أبو الأحوص , عن سماك عن جابر بن سمرة قال : كانت للنبي صلى الله عليه وسلم خطبتان يجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكِّر الناس . وبهذا الإسناد عن جابر بن سمرة قال : « كنت أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فكانت صلاته قصداً وخطبته قصداً » . والخطبة فريضةٌ في صلاة الجمعة ، ويجب أن يخطب قائماً خطبتين , وأقل ما يقع عليه اسم الخطبة : أن يحمد الله , ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويوصي بتقوى الله ، هذه الثلاثة فرض في الخطبتين جميعاً ، ويجب أن يقرأ في الأولى آية من القرآن ، ويدعو للمؤمنين في الثانية , فلو ترك واحدة من هذه الخمس لا تصح جمعته عند الشافعي ، وذهب أبو حنيفة رضي الله عنه إلى أنه لو أتى بتسبيحة أو تحميدة أو تكبيرة أجزأه . وهذا القدر لا يقع عليه اسم الخطبة ، وهو مأمور بالخطبة . أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي , أخبرنا عبد الله بن يوسف بن محمد بن مامويه , أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد البصري , بمكة , حدثنا الحسن بن الصباح الزعفراني , حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي , عن جعفر بن محمد عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع أن مروان استخلف أبا هريرة على المدينة ، فصلَّى بهم أبو هريرة الجمعة فقرأ سورة الجمعة في الركعة الأولى وفي الثانية : { إذا جَاءَكَ المُنَافِقُون } [ المنافقون : 1 ] فقال عبيد الله : فلما انصرف مشيت إلى جنبه فقلت له : لقد قرأت بسورتين سمعتُ علي بن أبي طالب يقرأ بهما في الصلاة ؟ فقال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بهما . أخبرنا أبو الحسن السرخسي , أخبرنا زاهر بن أحمد , أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي , أخبرنا أبو مصعب , عن مالك , عن ضمرة بن سعيد المازني , عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن الضحاك بن قيس سأل النعمان بن بشير : ماذا كان يقرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة على أثر سورة الجمعة ؟ فقال : كان يقرأ بـ " هل أتاك حديث الغاشية " . أخبرنا أبو عثمان الضبي , أخبرنا أبو محمد الجراحي , حدثنا أبو العباس المحبوبي , حدثنا أبو عيسى , حدثنا قتيبة , حدثنا أبو عوانة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين وفي الجمعة بـ " سبح اسم ربك الأعلى " ، و " هل أتاك حديث الغاشية " , وربما اجتمع في يوم واحد فيقرأ بهما . ولجواز الجمعة خمس شرائط : الوقت وهو : وقت الظهر ما بين زوال الشمس إلى دخول وقت العصر ، والعدد ، والإمام ، والخطبة ، ودار الإقامة ، فإذا فقد شرط من هذه الخمسة يجب أن يصلوها ظهراً . ولا يجوز للإمام أن يبتدئ الخطبة قبل اجتماع العدد ، وهو عدد الأربعين عند الشافعي ، فلو اجتمعوا وخطب بهم ثم انفضوا قبل افتتاح الصلاة أو انتقص واحد من العدد لا يجوز أن يصلي بهم الجمعة ، بل يصلي الظهر ولو افتتح بهم الصلاة ثم انفضُّوا ، فأصح أقوال الشافعي : أن بقاء الأربعين شرط إلى آخر الصلاة ، كما أن بقاء الوقت شرط إلى آخر الصلاة فلو انتقص واحد منهم قبل أن يسلّم الإمام يجب على الباقين أن يصلُّوها أربعاً . وفيه قول آخر : إن بقي معه اثنان أتمها جمعة . وقيل : إن بقي معه واحد أتمها جمعة ، وعند المزني إن نقصوا بعد ما صلى الإمام بهم ركعة أتمها جمعة ، وإن بقي وحده فإن كان في الركعة الأولى يتمها أربعاً وإن انتقص من العدد واحد ، وبه قال أبو حنيفة في العدد الذي شرطه كالمسبوق إذا أدرك مع الإمام ركعة من الجمعة فإذا سلم الإمام أتمها جمعة وإن أدرك أقل من ركعة أتمها أربعاً . قوله عزّ وجلّ : { قُلْ مَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ ٱللَّهْوِ وَمِنَ ٱلتِّجَـٰرَةِ } ، أي ما عند الله من الثواب على الصلاة والثبات مع النبي صلى الله عليه وسلم خير من اللهو ومن التجارة ، { وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلرَّٰزِقِين } ، لأنه موجد الأرزاق فإياه فاسألوا ومنه فاطلبوا .