Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 68, Ayat: 44-52)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَذَرْنِى وَمَن يُكَذِّبُ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ } ، أي فدعني والمكذبين بالقرآن ، وخلِّ بيني وبينهم . قال الزجاج : معناه لا تشغل قلبك بهم كِلْهُم إليّ فإني أكفيكهم ، قال ومثله : { ذَرنِى وَمَنْ خُلِقْتُ وَحِيداً } ، معناه في اللغة : لا تشغل قلبك به وكله إليَّ فإني أجازيه . ومثله قول الرجل : ذرني وإياه ، ليس أنه منعه منه ولكن تأويله كِلْه فإني أكفيك أمره . قوله تعالى : { سَنَسْتَدْرِجُهُم } ، سنأخذهم بالعذاب ، { مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُون } ، فعذبوا يوم بدر . { وَأُمْلِى لَهُمْ إِنَّ كَيْدِى مَتِينٌ * أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ * أَمْ عِندَهُمُ ٱلْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ * فَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ } ، اصبر على أذاهم لقضاء ربك ، { وَلاَ تَكُنْ } ، في الضجر والعجلة ، { كَصَـٰحِبِ الحُوتِ } ، وهو يونس بن متى ، { إِذْ نَادَى } ، ربه في بطن الحوت ، { وَهُوَ مَكْظُوم } ، مملوء غماً . { لَّوْلاَ أَن تَدَارَكَهُ } ، أدركته { نِعْمَةٌ مِّن رَبّه } ، حين رحمه وتاب عليه ، { لَنُبِذَ بالعَرَاءِ } ، لطرح بالفضاء من بطن الحوت ، { وَهُوَ مَذْمُوم } ، يذم ويلام بالذنب يذنبه . { فَٱجْتَبَـٰهُ رَبُّهُ } ، اصطفاه ، { فَجَعَلَهُ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ * وَإِن يَكَادُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ } ، وذلك أن الكفار أرادوا أن يصيبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعين , فنظر إليه قوم من قريش وقالوا : ما رأينا مثله ولا مثل حججه . وقيل : كانت العين في بني أسد حتى كانت الناقة والبقرة السمينة تمر بأحدهم فيعاينها ثم يقول : يا جارية خذي المكتل والدرهم فأتينا بشيىء من لحم هذه فما تبرح حتى تقع بالموت ، فتنحر . وقال الكلبي : كان رجل من العرب يمكث لا يأكل يومين أو ثلاثاً ثم يرفع جانب خبائه فتمر به الإبل فيقول لم أرَ كاليوم إبلاً ولا غنماً أحسن من هذه ، فما تذهب إلا قليلاً حتى تسقط منها طائفة وعدة ، فسأل الكفار هذا الرجل أن يصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعين ويفعل به مثل ذلك ، فعصم الله نبيه وأنزل : { وَإِن يَكَادُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَيُزْلِقُونَكَ بأبصَارِهِمْ } ، أي ويكاد ، ودخلت اللام في { لَيُزْلِقُونَكَ } لمكان " إن " ، وقرأ أهل المدينة : " ليَزْلقونك " بفتح الياء ، والآخرون بضمها ، وهما لغتان ، يقال : زلقَه يَزلُقه زلقاً وأزْلَقه يُزلُقه إزلاقاً . قال ابن عباس : معناه : ينفذونك ، ويقال : زلق السهم : إذا أنفذ . قال السدي : يصيبونك بعيونهم . قال النضر بن شميل : يعينونك . وقيل : يزيلونك . وقال الكلبي : يصرعونك . وقيل : يصرفونك عما أنت عليه من تبليغ الرسالة . قال ابن قتيبة : ليس يريد أنهم يصيبونك بأعينهم كما يصيب العائن بعينه ما يعجبه ، وإنما أراد أنهم ينظرون إليك إذا قرأت القرآن نظراً شديداً بالعداوة والبغضاء ، يكاد يسقطك . وقال الزجاج : يعني من شدة عداوتهم يكادون بنظرهم نظر البغضاء أن يصرعوك . وهذا مستعمل في كلام العرب يقول القائل : نظر إليّ نظراً يكاد يصرعني ، ونظراً يكاد يأكلني . يدل على صحة هذا المعنى : أنه قرن هذا النظر بسماع القرآن , وهو قوله : { لَمَّا سَمِعُواْ ٱلذِّكْر } ، وهم كانوا يكرهون ذلك أشد الكراهية فيحدون إليه النظر بالبغضاء ، { وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُون } ، أي ينسبونه إلى الجنون إذا سمعوه يقرأ القرآن . فقال الله تعالى : { وَمَا هُوَ } ، يعني القرآن ، { إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ } ، قال ابن عباس : موعظة للمؤمنين . قال الحسن : دواء إصابةِ العين أن يقرأ الإنسانُ هذه الآية . أخبرنا أبو علي حسان بن سعيد المنيعي , أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي , حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان , أخبرنا أحمد بن يوسف السلمي , حدثنا عبد الرزاق , أخبرنا معمر عن همام بن منبه قال حدثنا أبو هريرة رضي الله تعالى عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " العين حق " ونهى عن الوشم . أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي , حدثنا السيد أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي ، أخبرنا أبو نصر محمد بن حمدويه بن سهل المروزي , حدثنا محمود بن آدم المروزي , حدثنا سفيان بن عيينة , عن عمرو بن دينار , عن عروة بن عامر , عن عبيد بن رفاعة الزرقي أن أسماء بنت عميس قالت : يا رسول الله إن بني جعفر تصيبهم العين أفأسترقي لهم ؟ قال : " نعم , فلو كان شيء يسبق القضاء لسبقته العين " .