Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 103-107)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم } ، أي : من بعد نوح وهود وصالح وشعيب ، { مُّوسَىٰ بِـآيَـٰتِنَآ } ، بأدلّتنا ، { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيِهِ فَظَلَمُواْ بِهَا } ، فجحدوا بها . والظلم : وضع الشيء في غير موضعه ، فظلمهم وضع الكفر موضع الإيمان ، { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ } ، وكيف فعلنا بهم . { وَقَالَ مُوسَىٰ } ، لما دخل على فرعون ، { يَٰفِرْعَوْنُ إِنَّى رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } إليك ، فقال فرعون : كذبتَ ، فقال موسى : { حَقِيقٌ عَلَى أَن لآ أَقُولَ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ } ، أي : أنا خليق بأن لا أقول على الله إلا الحق ، فتكون { عَلَى } بمعنى الباء كما تقول : رميت بالقوس ورميت على القوس ، وجئت على حال حسنة وبحال حسنة ، يدل عليه قراءة أُبيّ والأعمش « حقيقٌ بأنْ لا أقول على الله إلا الحق » ، وقال أبو عبيدة : معناه حريص على أن لا أقول على الله إلاّ الحق ، وقرأ نافع ( عَلَيَّ ) بتشديد الياء أي حق واجب عليّ أن لا أقول على الله إلا الحق . { قَدْ جِئْتُكُم بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ } ، يعني العصا ، { فَأَرْسِلْ مَعِىَ بَنِىۤ إِسْرَٰءِيلَ } ، أي : أطلق عنهم وخلِّهم يرجعون إلى الأرض المقدّسة ، وكان فرعون قد استخدمهم في الأعمال الشاقّة من ضرب اللَّبِن ونقل التراب ونحوهما ، فقال فرعون مجيباً لموسى : { قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِـآيَةٍ فَأْتِ بِهَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ } . { فَأَلْقَىٰ } موسى { عَصَاهُ } من يده { فَإِذَا هِىَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ } ، والثعبان : الذكر العظيم من الحيات ، فإن قيل : أليس قد قال في موضع آخر { كَأَنَّهَا جَآنٌّ } [ النمل : 10 ] ، والجانّ الحية الصغيرة ؟ قيل : إنها كانت كالجان في الحركة والخفة ، وهي في جثتها حية عظيمة . قال ابن عباس والسدي : إنه لما ألقى العصا صارت حيّة عظيمة صفراء شعراء فاغرةً فاها بين لحييها ثمانون ذراعاً ارتفعت من الأرض بقدر ميل ، وقامت له على ذنبها واضعةً لحيها الأسفل في الأرض والأعلى على سور القصر ، وتوجهت نحو فرعون لتأخذه ، ورُوي أنها أخذت قبة فرعون بين نابيها فوثب فرعون من سريره هارباً وأحْدَثَ . وقيل : أخذه البطن في ذلك اليوم أربعمائة مرة ، وحملت على الناس فانهزموا وصاحوا ومات منهم خمسة وعشرون ألفاً وقتل بعضهم بعضاً ودخل فرعون البيت وصاح : يا موسى أنشدك بالذي أرسلك خذها وأنا أؤمن بك وأرسل معك بني إسرائيل ، فأخذها موسى فعادت عصاً كما كانت ثم قال فرعون : هل معك آية أخرى ؟ قال : نعم .