Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 176-176)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَـٰهُ بِهَا } ، أي : رفعنا درجته ومنزلته بتلك الآيات . وقال ابن عباس رضي الله عنهما : لرفعناه بعلمه بها . وقال مجاهد وعطاء : لرفعنا عنه الكفر وعصمناه بالآيات . { وَلَـٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى ٱلأَرْضِ } ، أي : سكن إلى الدنيا ومال إليها . قال الزجاج : خلد وأخلد واحد . وأصله من الخلود وهو الدوام والمقام ، يقال : أخلد فلان بالمكان إذا أقام به ، والأرض هاهنا عبارة عن الدنيا ، لأن ما فيها من القفار والرباع كلها أرض ، وسائر متاعها مستخرج من الأرض . { وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ } ، انقاد لما دعاه إليه الهوى . قال ابن زيد : كان هواه مع القوم . قال عطاء : أراد الدنيا وأطاع شيطانه ، وهذه أشدّ آية على العلماء ، وذلك أن الله أخبر أنه آتاه [ آية ] من اسمه الأعظم والدعوات المستجابة والعلم والحكمة ، فاستوجب بالسكون إلى الدنيا واتّباع الهوى تغيير النعمة عليه بالانسلاخ عنها ، ومَن الذي يَسْلَمُ من هاتين الخلتين إلا من عصمه الله ؟ أخبرنا أبو بكر محمد بن عبدالله بن أبي توبة أنا محمد بن أحمد بن الحارث ، أنا محمد بن يعقوب الكسائي ، أنا عبدالله بن محمود ، أنا إبراهيم بن عبدالله الخلال ، أنا عبدالله بن المبارك عن زكريّا بن أبي زائدة ، عن محمد بن عبدالرحمن بن أسعد بن زرارة عن كعب بن مالك الأنصاري عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما ذِئْبَانِ جَائعان أُرسلا في غَنَمٍ بأفسدَ لهَا من حرص المرء على المال والشرف لدينه " . قوله تعالى : { فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ ٱلْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث } ، يقال : لهث الكلب يلهث لهثاً : إذا أدلع بلسانه . قال مجاهد : هو مثل الذي يقرأ الكتاب ولا يعمل به . والمعنى : إن هذا الكافر إن زجرته لم ينزجر ، وإن تركته لم يهتدِ ، فالحالتان عنده سواء ، كحالتي الكلب : إن طرد وحُمل عليه بالطرد كان لاهثاً ، وإن تُرك وربَضَ كان لاهثاً . قال القتيبي : كل شيء يلهث إنما يلهث من إعياء أو عطش إلا الكلب ، فإنه يلهث في حال الكلال وحال الراحة وفي حال العطش ، فضربه الله مثلاً لمن كذّب بآياته ، فقال : إن وعظته فهو ضال وإن تركته فهو ضال كالكلب إن طردته لهث ، وإن تركته على حاله لهث ، نظيره قوله تعالى : { وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى ٱلْهُدَىٰ لاَ يَتَّبِعُوكُمْ سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ } [ الأعراف : 193 ] ، ثم عمّ بهذا التمثيل جميع من يكذب بآيات الله ، فقال : { ذَٰلِكَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـآيَـٰتِنَا فَٱقْصُصِ ٱلْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } ، وقيل : هذا مثل لكفار مكة وذلك أنهم كانوا يتمنّون هادياً يهديهم ويدعوهم إلى طاعة الله ، فلما جاءهم نبيّ لا يشكّون في صدقه كذّبوه فلم يهتدوا وتُركوا أو دُعوا .