Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 202-204)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَإِخْوَٰنُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ } يعني : إخوان الشياطين من المشركين يمدونهم ، أي : يمدهم الشيطان . قال الكلبي : لكل كافر أخٌ من الشياطين . { فِى ٱلْغَىِّ } ، أي : يطلبون هم الإغواء حتى يستمروا عليه . وقيل : يزيدونهم في الضلالة . وقرأ أهل المدينة : " يُمِدّونَهم " بضم الياء وكسر الميم من الإمداد ، والآخرون : بفتح الياء وضم الميم وهما لغتان بمعنى واحد . { ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ } ، أي : لا يكفّون . قال ابن عباس رضي الله عنهما : لا الإنس يقصرون عمّا يعملون من السيئات ، ولا الشياطين يمسكون عنهم ، فعلى هذا قوله : " ثم لاَ يُقْصِرُون " من فعل المشركين والشياطين جميعاً . قال الضحاك ومقاتل : يعني المشركين لا يُقْصِرون عن الضلالة ولا يُبصرونها ، بخلاف ما قال في المؤمنين : " تذكروا فإذا هُم مُّبْصِرُون " . { وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِم بِآيَةٍ } ، يعني : إذا لم تأت المشركين بآية ، { قَالُواْ لَوْلاَ ٱجْتَبَيْتَهَا } ، هلاّ افتعلتها وأنشأتها من قِبَلِ نفسك واختيارك ؟ تقول العرب : اجتبيتُ الكلام إذا اختلقتُه . قال الكلبي : كان أهل مكة يسألون النبي صلى الله عليه وسلم الآيات تعنّتاً فإذا تأخرت اتهموه وقالوا : لولا اجتبيتها ؟ أي : هلاّ أحدثتها وأنشأتها من عندك ؟ { قُلْ } لهم يا محمد { إِنَّمَآ أَتَّبِعُ مَا يِوحَىٰ إِلَىَّ مِن رَّبِّى } ، ثم قال : { هَـٰذَا } ، يعني : القرآن { بَصَآئِرُ } ، حجج وبيان وبرهان ؟ { من رَّبِّكُمْ } ، واحدتها بصيرة ، وأصلها ظهور الشيء واستحكامه حتى يبصره الإنسان ، فيهتدي به يقول : هذا دلائل تقودكم إلى الحق . { وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } . قوله عزّ وجلّ : { وَإِذَا قُرِىءَ ٱلْقُرْءَانُ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } ، اختلفوا في سبب نزول هذه الآية ، فذهب جماعة إلى أنها في القراءة في الصلاة . رُوي عن أبي هريرة أنّهم كانوا يتكلّمون في الصلاة بحوائجهم فأُمروا بالسكوت والاستماع إلى قراءة القرآن . وقال قوم : نزلت في ترك الجهر بالقراءة خلف الإمام . وروى زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي هريرة قال : نزلت هذه الآية في رفع الأصوات وهم خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة . وقال الكلبي : كانوا يرفعون أصواتهم في الصلاة حين يسمعون ذكر الجنة والنار . وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه سمع ناساً يقرؤون مع الإمام فلما انصرف قال : أمَا آن لكم أن تفقهوا وإذا قرىء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا كما أمركم الله ؟ وهذا قول الحسن والزهري والنخعي : أن الآية في القراءة في الصلاة . وقال سعيد بن جبير وعطاء ومجاهد : إن الآية في الخطبة ، أُمروا بالإنصات لخطبة الإمام يوم الجمعة . وقال سعيد بن جبير : هذا في الإنصات يوم الأضحى والفطر ويوم الجمعة ، وفيما يجهر به الإمام . وقال عمر بن عبد العزيز : يجب الإنصات لقول كلِّ واعظ . والأول أولاها ، وهو أنها في القراءة في الصلاة لأنّ الآية مكيَّة والجمعة وجبت بالمدينة . واتفقوا على أنه مأمور بالإنصات حالة ما يخطب الإمام . أخبرنا عبدالوهاب بن محمد الخطيب ثنا عبدالعزيز بن أحمد الخلال ثنا أبو العباس الأصم ثنا الربيع ثنا الشافعي ثنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا قُلْتَ لصاحبِكَ أنْصِتْ والإمامُ يخطبُ يوم الجمعة فقد لغوت " . واختلف أهل العلم في القراءة خلف الإمام في الصلاة : فذهب جماعة إلى إيجابها سواء جهر الإمام بالقراءة أو أسرّ . رُوي ذلك عن عمر ، وعثمان وعلي ، وابن عباس ، ومعاذ ، وهو قول الأوزاعي والشافعي . وذهب قوم إلى أنه يقرأ فيما أسرّ الإمام فيه القراءة ولا يقرأ إذا جهر . يروى ذلك عن ابن عمر ، وهو قول عروة بن الزبير والقاسم بن محمد ، وبه قال الزهري ومالك وابن المبارك وأحمد وإسحاق . وذهب قوم إلى أنه لا يقرأ سواء أسر الإمام أو جهر ، يُروى ذلك عن جابر ، وبه قال الثوري وأصحاب الرأي ، ويتمسك من لا يرى القراءة خلف الإمام بظاهر هذه الآية ، ومن أوجبها قال الآية في غير الفاتحة وإذا قرأ الفاتحة يتبع سكتات الإمام ولا ينازع الإمام في القراءة . والدليل عليه ما أخبرنا أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الضبي ، ثنا أبو محمد عبدالجبار بن محمد الجراحي ، ثنا أبو العباس المحبوبي ، ثنا أبو عيسى الترمذي ، ثنا هناد ثنا عبدة بن سليمان ، عن محمد بن إسحاق عن مكحول ، عن محمود بن الربيع ، عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه ، قال : " صلّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم الصبح فثقلت عليه القراءة ، فلما انصرف قال : إنّيَ أراكم تقرؤون وراءَ إمامِكم ؟ قال : قلنا : يا رسول الله إيْ والله ، قال : لا تفعلوا إلاّ بأمّ القرآن فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها " .