Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 32-33)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَإِذْ قَالُواْ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ } ، الآية نزلت في النضر بن الحارث من بني عبد الدار . قال ابن عباس : لما قصّ رسول الله صلى الله عليه وسلم شأن القرون الماضية ، قال النضر : لو شئت لقلت مثل هذا إنّ هذا إلا أساطير الأولين - أي : ما هذا إلا سطره الأولون في كتبهم - فقال له عثمان بن مظعون رضي الله عنه : اتّقِ الله فإن محمداً يقول الحق ، قال : فأنا أقول الحق ، قال عثمان : فإن محمداً يقول لا إله إلاّ الله ، قال : وأنا أقول لا إله إلاّ الله ، ولكن هذه بنات الله ، يعني الأصنام ، ثم قال : اللّهم إن كان هذا الذي يقول محمد هو الحق من عندك ، - " والحق " نصب بخبر كان ، وهو عمادٌ وصِلَةٌ - ، { فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } ، كما أمطرتها على قوم لوط ، { أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } ، أي : ببعض ما عذبت به الأمم ، وفيه نزل : { سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } [ المعارج : 1 ] . وقال عطاء : لقد نزل في النضر بن الحارث بضع عشرة آية فحاق به ما سأل من العذاب يوم بدر . قال سعيد بن جبير : قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر ثلاثةً من قريش صبراً : طُعيمة بن عدي ، وعقبة بن أبي مُعيط ، والنضر بن الحارث . وروى أنس رضي الله عنه أن الذي قاله أبو جهل . أخبرنا عبدالواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبدالله النعيمي حدثنا محمد بن يوسف ، ثنا محمد بن إسماعيل ، ثنا محمد بن النضر ثنا عبيدالله بن معاذ ، ثنا أبي ، ثنا شعبة ، عن عبدالحميد صاحب الزيادي ، سمع أنس بن مالك قال : قال أبو جهل : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطرْ علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ، فنزلت : { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَمَا لَهم ألاّ يعذِّبهُم الله } . قوله تعالى : { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ } ، اختلفوا في معنى هذه الآية ، فقال محمد بن إسحاق : هذا حكاية عن المشركين أنهم قالوها وهي متصلة بالآية الأولى ، وذلك أنهم كانوا يقولون : إن الله لا يعذبنا ونحن نستغفره ، ولا يعذب أمّة ونبيُّها معها ، فقال الله تعالى لنبيه يذكر جهالتهم وغرتهم واستفتاحهم على أنفسهم : " وإذْ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحقَّ منْ عندك " الآية ، وقالوا : " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهو يستغفرون " ، ثم قال ردّا عليهم : " ومَا لهم أَلاَّ يعذبهم الله " ؟ وإن كنت بين أظهرهم وإن كانوا يستغفرون ، " وهم يصدّون عن المسجد الحرام " . وقال الآخرون : هذا كلام مستأنف يقول الله عزّ وجلّ إخباراً عن نفسه : " وما كان الله ليعذبهم " . واختلفوا في تأويلها ، فقال الضحاك وجماعة : وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم مقيم بين أظهرهم . قالوا : أُنزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مقيم بمكة ، خرج من بين أظهرهم وبقيت فيها بقية من المسلمين يستغفرون ، فأنزل الله تعالى : " وما كان الله مُعذِّبَهم وهو يستغفرون " ، ثم خرج أولئك من بينهم فعُذِّبوا ، وأَذِنَ الله لهم في فتح مكة ، فهو العذاب الذي وعدهم الله . قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : لم يعذب الله قرية حتى يخرج النبي منها والذين آمنوا ويلحق بحيث أمر . فقال : { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } ، يعني المسلمين فلما خرجوا قال الله تعالى : " وما لهم ألاَّ يعذبهم الله " ، فعذّبهم الله يوم بدر . وقال أبو موسى الأشعري : كان فيكم أمانان : " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم " ، " وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون " ، فأمّا النبي صلى الله عليه وسلم فقد مضى والاستغفار كائن فيكم إلى يوم القيامة . وقال بعضهم : هذا الاستغفار راجع إلى المشركين ، وذلك أنهم كانوا يقولون بعد الطواف : غفرانك غفرانك . وقال يزيد بن رومان : قالت قريش : إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارةً من السماء ، فلما أمسوا ندموا على ما قالوا ، فقالوا : غفرانك اللهم ، فقال الله عزّ وجلّ : " وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون " . وقال قتادة والسدي : معناه : وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ، أي : لو استغفروا ، ولكنهم لم يكونوا يستغفرون ، ولو أنهم أقرّوا بالذنب ، واستغفروا ، لكانوا مؤمنين . وقيل : هذا دعاء إلى الإسلام والاستغفار بهذه الكلمة ، كالرجل يقول لغيره : لا أعاقبك وأنت تطيعني ، أي : أطعني حتى لا أعاقبك . وقال مجاهد وعكرمة : وهم يستغفرون أي يُسْلِمون . يقول : لو أسلموا لما عُذّبوا . وروى الوالي عن ابن عباس أي : وفيهم من سبق له من الله أنه يسلم ويؤمن ويستغفر ، وذلك مثل أبي سفيان وصفوان بن أمية ، وعكرمة بن أبي جهل ، وسهيل بن عمرو ، وحكيم بن حزام وغيرهم . وروى عبدالوهاب عن مجاهد وهم يستغفرون أي : وفي أصلابهم مَنْ يستغفر .