Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 72-74)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ } أي : هجروا قومهم وديارهم ، يعني المهاجرين من مكة ، { وَجَـٰهَدُواْ بِأَمْوَٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ } رسول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرين معه ، أي : أسكنوهم منازلهم ، { وَّنَصَرُوۤاْ } ، أي : ونصروهم على أعدائهم وهم الأنصار رضي الله عنهم ، { أُوْلَـٰئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ } ، دون أقربائهم من الكفار . قيل : في العون والنصرة . وقال ابن عباس : في الميراث وكانوا يتوارثون بالهجرة ، فكان المهاجرون والأنصار يتوارثون دون ذوي الأرحام ، وكان من آمن ولم يهاجر لا يرث من قريبه المهاجر حتى كان فتح مكّة وانقطعت الهجرة وتوارثوا بالأرحام حيث ما كانوا ، وصار ذلك منسوخاً بقوله عزّ وجلّ : { وَأُوْلُو ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ } [ الأحزاب : 6 ] ، { وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلـٰيَتِهِم مِّن شَىْءٍ } ، يعني : في الميراث ، { حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْ } ، قرأ حمزة : " ولايتهم " بكسر الواو ، والباقون بالفتح ، وهما واحد كالدلالة والدلالة . { وَإِنِ ٱسْتَنصَرُوكُمْ فِى ٱلدِّينِ } ، أي : استنصركم المؤمنون الذين لم يهاجروا ، { فَعَلَيْكُمُ ٱلنَّصْرُ إِلاَّ عَلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ } ، عهد فلا تنصروهم عليهم ، { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } . { وَٱلَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ } ، في العون والنصرة . وقال ابن عباس : في الميراث ، أي : يرث المشركون بعضهم من بعض ، { إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِى ٱلأَرْضِ } ، قال ابن عباس : ألاّ تأخذوا في الميراث بما أمرتكم به . وقال ابن جريج : ألاّ تعاونوا وتناصروا . وقال ابن إسحاق : جعل الله المهاجرين والأنصار أهل ولاية في الدين دون من سواهم ، وجعل الكافرين بعضهم أولياء بعض ، ثم قال : { إِلاَّ تَفْعَلُوهُ } ، وهو أن يتولّى المؤمن الكافر دون المؤمنين ، { تَكُنْ فِتْنَةٌ فِى ٱلأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ } ، فالفتنة في الأرض قوّة الكفر ، والفساد الكبير ضعف الإسلام . { وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَـٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوۤاْ أُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً } ، لا مرية ولا ريب في إيمانهم . قيل : حققوا إيمانهم بالهجرة والجهاد وبذل المال في الدين ، { لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } ، في الجنة . فإن قيل : أي معنى في تكرار هذه الآية ؟ قيل : المهاجرون كانوا على طبقات : فكان بعضهم أهل الهجرة الأولى ، وهم الذين هاجروا قبل الحديبية ، وبعضهم أهل الهجرة الثانية ، وهم الذين هاجروا بعد صلح الحديبية قبل فتح مكة ، وكان بعضهم ذا هجرتين هجرة الحبشة والهجرة إلى المدينة ، فالمراد من الآية الأولى الهجرة الأولى ، ومن الثانية الهجرة الثانية .