Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 85, Ayat: 10-22)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ فَتَنُواْ } ، عذّبوا وأحرقوا ، { ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ } ، يقال : فتنت الشيء إذا أحرقته ، نظيره : { يَوْمَ هُمْ عَلَى ٱلنَّارِ يُفْتَنُونَ } [ الذاريات : 13 ] , { ثُمَّ لَمْ يَتُوبُواْ فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ } ، بكفرهم ، { وَلَهُمْ عَذَابُ ٱلْحَرِيقِ } ، بما أحرقوا المؤمنين . وقيل : ولهم عذاب الحريق [ في الدنيا ، وذلك أن الله أحرقهم بالنار التي ] أحرقوا بها المؤمنين ، ارتفعت إليهم من الأخدود ، قاله الربيع بن أنس والكلبي . ثم ذكر ما أعد للمؤمنين فقال : { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَهُمْ جَنَّـٰتٌ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْكَبِيرُ } . واختلفوا في جواب القسم : فقال بعضهم : جوابه : { قُتِلَ أَصْحَـٰبُ ٱلأُخْدُودِ } ، يعني لقد قتل . وقيل : فيه تقديم وتأخير , تقديره : قتل أصحاب الأخدود والسماء ذات البروج . وقال قتادة : جوابه : { إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ } , قال ابن عباس : إن أخذه بالعذاب إذا أَخَذَ الظَلمةَ لشديدٌ ، كقوله : { إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } [ هود : 102 ] . { إِنَّهُ هُوَ يُبْدِىءُ وَيُعِيدُ } ، أي يخلقهم أولاً في الدنيا ثم يعيدهم أحياءً بعد الموت . { وَهُوَ ٱلْغَفُورُ } ، لذنوب المؤمنين ، { ٱلْوَدُودُ } ، المحب لهم ، وقيل : معناه المودود ، كالحلوب والركوب ، بمعنى المحلوب والمركوب . وقيل : يغفر ويود أن يغفر ، وقيل : المتودد إلى أوليائه بالمغفرة . { ذُو ٱلْعَرْشِ ٱلْمَجِيدُ } ، قرأ حمزة والكسائي : " المجيدِ " بالجر , على صفة العرش أي السرير العظيم . وقيل : أراد حسنه فوصفه بالمجد كما وصفه بالكرم ، فقال : { رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْكَرِيمِ } [ المؤمنون : 116 ] ، ومعناه الكمال ، والعرش : أحسن الأشياء وأكملها ، وقرأ الآخرون بالرفع على صفة ذو العرش . { فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ } ، لا يعجزه شيء يريده ولا يمتنع منه شيء طلبه . قوله عزّ وجلّ : { هَلُ أَتَاكَ حَدِيثُ ٱلْجُنُودِ } ، قد أتاك خبر الجموع الكافرة الذين تجندوا على الأنبياء ، ثم بيّن من هم ؟ فقال : { فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ * بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } , من قومك يا محمد ، { فِي تَكْذِيبٍ } ، لك وللقرآن كدأب آل فرعون من قبلهم ، ولم يعتبروا بمن كان قبلهم من الكفار . { وَٱللَّهُ مِن وَرَآئِهِمْ مُّحِيطٌ } ، عالم بهم لا يخفى عليه شيء من أعمالهم ، يقدر أن ينزل بهم ما أنزل بمن كان قبلهم . { بَلْ هُوَ قُرْءَانٌ مَّجِيدٌ } , كريم شريف كثير الخير ، ليس كما زعم المشركون أنه شعر وكهانة . { فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ } ، قرأ نافع : " محفوظ " بالرفع على نعت القرآن , فإن القرآن محفوظ من التبديل والتغيير والتحريف ، قال الله تعالى : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَـٰفِظُونَ } [ الحجر : 9 ] . وقرأ الآخرون بالجر على نعت اللوح ، وهو الذي يُعرف باللوح المحفوظ ، وهو أم الكتاب ، ومنه نسخ الكتب ، محفوظ من الشياطين ، ومن الزيادة فيه والنقصان . أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي , أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي , أخبرنا الحسين بن محمد بن فنجويه , أخبرنا مخلد بن جعفر , حدثنا الحسن بن علويه , أخبرنا إسماعيل بن عيسى , حدثنا إسحاق بن بشر , أخبرني مقاتل وابن جريج , عن مجاهد , عن ابن عباس قال : إن في صدر اللوح : لا إله إلا الله وحده ، دينه الإسلام , ومحمد عبده ورسوله ، فمن آمن بالله عزّ وجلّ وصدق بوعده واتبع رسله أدخله الجنة ، قال : واللوح لوح من درة بيضاء ، طوله ما بين السماء والأرض ، وعرضه ما بين المشرق إلى المغرب , وحافتاه الدر والياقوت ، ودفتاه ياقوتة حمراء ، وقلمه نور , وكلامه معقود بالعرش ، وأصله في حجر ملك . قال مقاتل : اللوح المحفوظ عن يمين العرش .