Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 118-120)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَعَلَى ٱلثَّلَـٰثَةِ ٱلَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ ٱلأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ } ، اتسعت ، { وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ } ، غماً وهماً ، { وَظَنُّوۤاْ } ، أي : تيقنوا ، { أَنْ لاَّ مَلْجَأَ مِنَ ٱللَّهِ } ، لا مفزع من الله ، { إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوۤاْ } ، أي : ليستقيموا على التوبة فإن توبتهم قد سبقت . { إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ } . { يَـۤأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّادِقِينَ } ، قال نافع : مع محمد وأصحابه . وقال سعيد ابن جبير : مع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما . وقال ابن جريج : مع المهاجرين ، لقوله تعالى : { لِلْفُقَرَآءِ الْمُهَاجِرِينَ } إلى قوله { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّادِقُونَ } [ الحشر : 8 ] . وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : مع الذين صدقت نياتهم واستقامت قلوبهم وأعمالهم وخرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك بإخلاص نية . وقيل : مع الذين صدقوا في الإِعتراف بالذنب ولم يعتذروا بالأعذار الكاذبة . وكان ابن مسعود يقرأ : { وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّـٰدِقِينَ } وقال ابن مسعود : إن الكذب لا يصلح في جِدِّ ولا هزل ، ولا أن يعد أحدكم صبيَّه شيئاً ثم لا ينجز له ، اقرؤا إن شئتم وقرأ هذه الآية . قوله تعالى : { مَا كَانَ لأَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ } ظاهره خَبَرٌ ، ومعناه نهي ، كقوله تعالى : { وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ ٱللَّهِ } [ الأحزاب : 53 ] { وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِّنَ ٱلأَعْرَابِ } ، سكان البوادي : مُزينة ، وجُهينة ، وأشجع ، وأسلم ، وغِفار . { أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ ٱللَّهِ } ، إذا غَزَا . { وَلاَ يَرْغَبُواْ } ، أي : ولا أن يرغبُوا ، { بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ } ، في مصاحبته ومعاونته والجهاد معه . وقال الحسن : لا يرغبوا بأنفسهم عن أن يصيبهم من الشدائد فيختاروا الخفض والدَّعَة ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في مشقة السفر ومقاساة التعب . { ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ } ، في سفرهم ، { ظَمَأٌ } ، عطش ، { وَلاَ نَصَبٌ } ، تعب ، { وَلاَ مَخْمَصَةٌ } ، مجاعة ، { فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ يَطَأُونَ مَوْطِئاً } ، أرضاً ، { يَغِيظُ ٱلْكُفَّارَ } ، وطؤهم إياه ، { وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً } ، أي : لا يصيبون من عدوهم قتلاً أو أَسراً أو غنيمةً أو هزيمةً ، { إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } . أخبرنا عبدالواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبدالله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا علي بن عبدالله ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا يزيد بن أبي مريم ، حدثنا عباية ابن رفاعة قال : أدركني أبو عبس وأنا ذاهب إلى الجمعة فقال : " سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول : « مَنِ اغْبرَّتْ قدماه في سبيل اللّهِ حرّمها اللّهُ على النار » " . واختلفوا في حكم هذه الآية ، قال قتادة : هذه خاصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذا غزا بنفسه لم يكن لأحد أن يتخلّف عنه إلاّ بعذر ، فأمّا غيره من الأئمة والولاة فيجوز لمن شاء من المسلمين أن يتخلّف عنه إذا لم يكن بالمسلمين ضرورة . وقال الوليد بن مسلم : سمعتُ الأوزاعي ، وابنَ المبارك ، وابنَ جابر ، وعمر بن عبد العزيز يقولون في هذه الآية : إنها لأَوَّلِ هذه الأمة وآخرها . وقال ابن زيد : هذا حين كان أهل الإسلام قليلاً ، فلما كثروا نسخها الله تعالى وأباح التخلّف لمن يشاء ، فقال : { وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً } .