Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 95, Ayat: 1-8)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيْتُونِ } , قال ابن عباس , والحسن , ومجاهد , وإبراهيم , وعطاء بن أبي رباح , ومقاتل , والكلبي : هو تينكم هذا الذي تأكلونه , وزيتونكم هذا الذي تعصرون منه الزيت . قيل : خصَّ التين بالقسم لأنها فاكهة مخلَّصة لا عجم لها ، شبيهة بفواكه الجنة . وخص الزيتون لكثرة منافعه , ولأنه شجرة مباركة جاء بها الحديث , وهو ثمر ودهن يصلح للاصطباغ والاصطباح . وقال عكرمة : هما جبلان . قال قتادة : " التين " : الجبل الذي عليه دمشق , و " الزيتون " : الجبل الذي عليه بيت المقدس , لأنهما ينبتان التين والزيتون . وقال الضحاك : هما مسجدان بالشام . قال ابن زيد : " التين " : مسجد دمشق , و " الزيتون " : مسجد بيت المقدس . وقال محمد بن كعب : " التين " مسجد أصحاب الكهف , و " الزيتون " : مسجد إيليا . { وَطُورِ سِينِينَ } ، يعني الجبل الذي كلَّم الله عليه موسى عليه السلام , وذكرنا معناه عند قوله : { وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ } [ المؤمنون : 20 ] . { وَهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ ٱلأَمِينِ } ، أي الآمن ، يعني مكة , يأمن فيه الناس في الجاهلية والإسلام ، هذه كلها أقسام والمقسَم عليه قوله : { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَـٰنَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } ، أي : أعدل قامة وأحسن صورة ، وذلك أنه خلق كل حيوان منكبّاً على وجهه إلاّ الإنسان خلقه مديد القامة , يتناول مأكوله بيده , مزيَّناً بالعقل والتمييز . { ثُمَّ رَدَدْنَـٰهُ أَسْفَلَ سَـٰفِلِينَ } ، يريد إلى الهرم وأرذل العمر ، فينقص عقله ويضعف بدنه ، والسافلون : هم الضعفاء والزّمْنَى والأطفال ، فالشيخ الكبير أسفل من هؤلاء جميعاً ، " وأسفل سافلين " نكرة تعمُّ الجنس ، كما تقول : فلان أكرم قائم فإذا عرَّفت قلت : أكرم القائمين . وفي مصحف عبد الله " أسفل السافلين " . وقال الحسن , وقتادة , ومجاهد : يعني ثم رددناه إلى النار ، يعني إلى أسفل السافلين ، لأن جهنم بعضها أسفل من بعض . قال أبو العالية : يعني إلى النار في شرِّ صورةٍ في صورة خنزير . ثم استثنى فقال : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } ، فإنهم لا يردون إلى النار . ومن قال بالقول الأول قال : رددناه أسفل سافلين ، فزالت عقولهم وانقطت أعمالهم ، فلا يكتب لهم حسنة إلا الذين آمنوا . { وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } ، فإنه يكتب لهم بعد الهرم ، والخرف ، مثل الذي كانوا يعملون في حال الشباب والصحة . قال ابن عباس : هم نفرٌ ردُوا إلى أرذل العمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله تعالى عذرهم . وأخبر أن لهم أجرهم الذي عملوا قبل أن تذهب عقولهم . قال عكرمة : لم يضر هذا الشيخ كبره إذ ختم الله له بأحسن ما كان يعمل . وروى عاصم الأحول عن عكرمة عن ابن عباس قال : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } قال : " إلا الذين آمنوا قرؤوا القرآن ، وقال : من قرأ القرآن لم يردَّ إلى أرذل العمر . { فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } ، غير مقطوع , لأنه يكتب له كصالح ما كان يعمل . قال الضحاك : أجر بغير عمل ، ثم قال : إلزاماً للحجة : { فَمَا يُكَذِّبُكَ } ، أي : أمن يكذبك . وقيل : أي شيء يكذبك ؟ أي يحملك على الكذب , وقيل على التكذيب أيها الإنسان ، { بَعْدُ } ، أي بعد هذه الحجة والبرهان ، { بِٱلدِّينِ } ، بالحساب والجزاء , والمعنى : ألا تتفكر في صورتك وشبابك وهرمك فتعتبر , وتقول : إن الذي فعل ذلك قادر على أن يبعثني ويحاسبني ، فما الذي يكذبك بالمجازاة بعد هذه الحجج ؟ { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَحْكَمِ ٱلْحَـٰكِمِينَ } ، بأقضى القاضين ، قال مقاتل : أليس الله يحكم بينك وبين أهل التكذيب بك يا محمد . وروينا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من قرأ والتين والزيتون فانتهى إلى آخرها : { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَحْكَمِ ٱلْحَـٰكِمِينَ } فليقل : بلى , وأنا على ذلك من الشاهدين " . أخبرنا عبد الواحد المليحي , أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي , أخبرنا محمد بن يوسف , حدثنا محمد بن إسماعيل , أخبرنا أبو الوليد , حدثنا شعبة عن عدي بن ثابت الأنصاري قال : سمعت البراء بن عازب قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر فقرأ في العشاء في إحدى الركعتين بالتين والزيتون .