Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 99, Ayat: 5-8)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لها } ، أي : أمرها بالكلام وأَذِن لها بأن تخبر بما عمل عليها . قال ابن عباس والقرظي : أوحى إليها . ومجاز الآية : يوحِي اللهُ إليها ، يقال : أوحى لها , وأوحى إليها ووحَّى لها , ووحَّى إليها , واحد . قوله تعالى : { يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ ٱلنَّاسُ } ، يرجع الناس عن موقف الحساب بعد العرض ، { أَشْتَاتاً } ، متفرقين فآخذ ذات اليمين إلى الجنة وآخذ ذات الشمال إلى النار ، كقوله : { يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ } [ الروم : 14 ] , { يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } [ الروم : 43 ] . { لِّيُرَوْاْ أَعْمَـٰلَهُمْ } ، قال ابن عباس : ليروا جزاء أعمالهم ، والمعنى أنهم يرجعون عن الموقف فرقاً لينزلوا منازلهم من الجنة والنار . { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } ، وزن نملة صغيرة أصغر ما يكون من النمل . { خَيْراً يَرَهُ } . { وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شراً يَرَه } قال ابن عباس : ليس مؤمن ولا كافر عمل خيراً أو شراً في الدنيا إلا أراه الله إياه يوم القيامة ، فأما المؤمن فيُرَى حسناته وسيئاته فيغفر الله سيئاته ويثيبه بحسناته ، وأما الكافر فتردُّ حسناته ويعذب بسيئاته . قال محمد بن كعب في هذه الآية : { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ } : من كافر يرى ثوابه في الدنيا في نفسه وماله وأهل وولده ، حتى يخرج من الدنيا وليس له عند الله خير ، { وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شراً يَرَهُ } من مؤمن من يرى عقوبته في الدنيا في نفسه وماله وأهله وولده ، حتى يخرج من الدنيا وليس له عند الله شر . قال مقاتل : نزلت هذه الآية في رجلين , وذلك أنه لما نزل { وَيُطْعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ } كان أحدهما يأتيه السائل فيستقلُّ أن يعطيه التمرة والكِسْرة والجوزة ونحوها ، يقول : ما هذا بشيء إنما نؤجر على ما نعطي ونحن نحبه ، وكان الآخر يتهاون بالذنب اليسير كالكذبة والغيبة والنظرة وأشباه ذلك ، ويقول : إنما وعد الله النارَ على الكبائر ، وليس في هذا إثم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية يرغِّبهم في القليل من الخير أن يعطوه ، فإنه يوشك أن يكثر ، ويحذِّرهم اليسير من الذنب , فإنه يوشك أن يكثر ، فالإثم الصغير في عين صاحبه أعظم من الجبال يوم القيامة ، وجميع محاسنه في عينه أقل من كل شيء . قال ابن مسعود : أَحْكَمُ آيةٍ في القرآن { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شراً يَرَهُ } . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسميها الجامعةَ الفاذَّة حين سئل عن زكاة الحمر فقال : " ما أُنزل عليَّ فيها شيءٌ إلا هذه الآية الجامعة الفاذَّة { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شراً يَرَهُ } " . وتصدق عمر بن الخطاب وعائشة بحبة عنب ، وقالا : فيها مثاقيل كثيرة . وقال الربيع بن خثيم : مرّ رجل بالحسن وهو يقرأ هذه السورة فلما بلغ آخرها قال : حسبي قد انتهت الموعظة . أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي , أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي , أخبرنا محمد بن القاسم , حدثنا أبو بكر محمد عبد الله , حدثنا الحسن بن سفيان , حدثنا علي بن حجر , حدثنا يزيد بن هارون , حدثنا اليمان بن المغيرة , حدثنا عطاء عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { إِذَا زُلْزِلَتِ ٱلأَرْضُ } تعدل نصف القرآن ، و { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } تعدل ثلث القرآن ، و { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلْكَافِرُونَ } تعدل ربع القرآن " .