Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 61-63)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قصد الآية وصف إحاطة الله تعالى بكل شيء ، ومعنى اللفظ { وما تكون } يا محمد ، والمراد هو وغيره { في شأن } من جميع الشؤون { وما تتلوا منه } الضمير عائد على { شأن } أي فيه وبسببه من قرآن ، ويحتمل أن يعود الضمير على جميع القرآن ، ثم عم بقوله { ولا تعملون من عمل } وفي قوله { إلا كنا عليكم شهوداً } ، تحذير وتنبيه ، و { تفيضون } تنهضون بجد ، يقال : أفاض الرجل في سيره وفي حديثه ، ومنه الإفاضة في الحج ومفيض القدام ، ويحتمل أن " فاض " عدي بالهمزة ، و { يعزب } معناه : يغيب حتى يخفى حتى قالوا للبعيد عازب ، ومنه قول الشاعر [ ابن مقبل ] : الطويل ] @ عوازب لم تسمع نبوح مقامه ولم تر ناراً تم حول محرم @@ وقيل للغائب عن أهله : عازب ، حتى قالوه لمن لا زوجة له ، وفي السير أن بيت سعد بن خيثمة كان يقال : بيت العزاب ، وقرأ جمهور السبعة والناس " يعزُب " يضم الزاي ، وقرأ الكسائي وحده منهم : " يعزِب " بكسرها وهي قراءة ابن وثاب والأعمش وطلحة بن مصرف ، قال أبو حاتم : القراءة بالضم ، والكسر لغة ، و " المثقال " : الوزن ، وهو اسم ، لا صفة كمعطار ومضراب والذر : صغار النمل ، جعلها الله مثالاً إذ لا يعرف في الحيوان المتغذي المتناسل المشهور النوع والموضع أصغر منه ، وقرأ جمهور الناس وأكثر السبعة : " ولا أصغرَ ولا أكبرَ " بفتح الراء عطفاً على { ذرة } في موضع خفض لكن منع من ظهوره امتناع الصرف ، وقرأ حمزة وحده : " ولا أصغر ولا أكبر " عطفاً على موضع قوله { مثقال } ، لأن التقدير وما يعزب عن ربك مثقال ذرة ، و " الكتاب المبين " : اللوح المحفوظ ، كذا قال بعض المفسرين ، ويحتمل أن يريد تحصيل الكتبة ، ويكون القصد ذكر الأعمال المذكورة قبل ، وتقديم " الأصغر " في الترتيب جرى على قولهم : القمرين والعمرين ، ومنه قوله تعالى : { لا يغادر صغيرة ولا كبيرة } [ الكهف : 49 ] والقصد بذلك تنبيه الأقل وأن الحكم المقصود إذا وقع على الأقل فأحرى أن يقع على الأعظم ، و { ألا } استفتاح وتنبيه ، و { أولياء الله } هم المؤمنون الذين والوه بالطاعة والعبادة ، وهذه الآية يعطي ظاهرها أن من آمن واتقى فهو داخل في أولياء الله ، وهذا هو الذي تقتضيه الشريعة في الولي ، وإنما نبهنا هذا التنبيه حذراً من بعض الوصفية وبعض الملحدين في الولي ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم " أنه إذ سئل عن أولياء الله ؟ فقال : الذين إذا رأيتهم ذكرت الله " . قال القاضي أبو محمد : وهذا وصف لازم للمتقين لأنهم يخشعون ويخشعون ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً أنه قال : " أولياء الله قوم تحابوا في الله واجتمعوا في ذاته لم تجمعهم قرابة ولا مال يتعاطونه " وقوله { لا خوف عليهم ولا هم يحزنون } يحتمل أن يكون في الآخرة ، أي لا يهتمون بهمها ولا يخافون عذاباً ولا عقاباً ولا يحزنون لذلك ، ويحتمل أن يكون ذلك في الدنيا أي لا يخافون أحداً من أهل الدنيا ولا من أعراضها ولا يحزنون على ما فاتهم منها ، والأول أظهر والعموم في ذلك صحيح لا يخافون في الآخرة جملة ولا في الدنيا الخوف الدنياوي الذي هو في فوت آمالها وزوال منازلها وكذلك في الحزن ، وذكر الطبري عن جماعة من العلماء مثل ما في الحديث من الأولياء الذين إذا رآهم أحد ذكر الله ، وروي فيهم حديث : " إن أولياء الله هم قوم يتحابون في الله وتجعل لهم يوم القيامة منابر من نور وتنير وجوههم ، فهم في عرصة القيامة لا يخافون ولا يحزنون " وروي عن عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن من عباد الله عباداً ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء بمكانهم من الله قالوا ومن هم يا رسول الله ؟ قال : قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام ولا أموال " ، الحديث ، ثم قرأ { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون } ، وقوله { الذين آمنوا } يصح أن يكون في موضع نصب على البدل من الأولياء ، ويصح أن يكون في موضع رفع على الابتداء على تقديرهم الذين ، وكثيراً ما يفعل ذلك بنعت ما عملت فيه " أن " إذا جاء بعد خبرها ، ويصح أن يكون { الذين } ابتداء وخبره في قوله { لهم البشرى } ، وقوله { وكانوا يتقون } لفظ عام في تقوى الشرك والمعاصي .