Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 101, Ayat: 1-11)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ : " القارعةَ ما القارعةَ " بالنصب عيسى ، قال جمهور المفسرين : { القارعة } يوم القيامة نفسها لأنها تقرع القلوب بهولها ، وقال قوم من المتأولين : { القارعة } صيحة النفخة في الصور ، لأنها تقرع الأسماع ، وفي ضمن ذلك القلوب ، وفي قوله تعالى : { وما أدراك } تعظيم لأمرها ، وقد تقدم مثله ، و { يوم } : ظرف ، والعامل فيه { القارعة } وأمال أبو عمرو : { القارعة } ، و " الفراش " : طير دقيق يتساقط في النار ويقصدها ، ولا يزال يقتحم على المصباح ونحوه حتى يحترق ، ومنه قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " أنا آخذ بحجزكم عن النار ، وأنتم تقتحمون فيها تقاحم الفراش والجنادب " ، وقال الفراء : " الفراش " في الآية : غوغاء الجراد وهو صغيره الذي ينتشر في الأرض والهواء ، و { المبثوث } هنا معناه : المتفرق ، جمعه وجملته موجودة متصلة ، وقال بعض العلماء : الناس أول قيامهم من القبور { كالفراش المبثوث } ، لأنهم يجيئون ويذهبون على غير نظام ، يدعوهم الداعي فيتوجهون إلى ناحية المحشر فهم حينئذ كالجراد المنتشر ، لأن الجراد إنما توجهه إلى ناحية مقصودة ، واختلف اللغويون في " العهن " ، فقال أكثرهم : هو الصرف عاماً ، وقال آخرون : وهو الصوف الأحمر ، وقال آخرون : هو الصوف الملون ألواناً ، واحتج بقول زهير : @ كأن فتات العهن في كل منزل نزلن به حب الفنا لم يحطم @@ والفنا : عنب الثعلب ، وحبه قبل التحطم منه الأخضر والأحمر والأصفر ، وكذلك الجبال جدد بيض وحمر وسود وصفر ، فجاء التشبيه ملائماً ، وكون { الجبال كالعهن } ، إنما هو وقت التفتيت قبل النسف ومصيرها هباء ، وهي درجات ، والنفش : خلخلة الأجزاء وتفريقها عن تراصها ، وفي قراءة ابن مسعود وابن جبير : " كالصوف المنفوش " ، و " الموازين " : هي التي في القيامة ، فقال جمهور العلماء والفقهاء والمحدثين : ميزان القيامة بعمود ليبين الله أمر العباد بما عهدوه وتيقنوه ، وقال مجاهد : ليس تم ميزان إنما هو العدل مثل ذكره بالميزان إذ هو أعدل ما يدري الناس ، وجمعت الموازين للإنسان لما كانت له موزونات كثيرة متغايرة ، وثقل هذا الميزان هو بالإيمان والأعمال ، وخفته بعدمها وقلتها ، ولن يخف خفة موبقة ميزان مؤمن . و { عيشة راضية } معناه : ذات رضى على النسب ، وهذا قول الخليل وسيبويه ، وقوله تعالى : { فأمه هاوية } قال كثير من المفسرين : المراد بالأم نفس الهاوية ، وهي درك من أدراك النار ، وهذا كما يقال للأرض : أم الناس لأنها تؤويهم ، وكما قال عتبة بن أبي سفيان في الحرب : فنحن بنوها وهي أمنا ، فجعل الله الهاوية أم الكافر لما كانت مأواه ، وقال آخرون : هو تفاؤل بشر فيه تجوز في أم الولاد ، كما قالوا : أمه ثاكل وخوى نجمه وهوى نجمه ونحو هذا ، وقال أبو صالح وغيره : المراد أم رأسه لأنهم يهوون على رؤوسهم ، وقرأ طلحة : " فإمُّه " بكسر الهمزة وضم الميم المشددة ، ثم قرر تعالى نبيه على دراية أمرها وتعظيمه ثم أخبره أنها { نار حامية } ، وقرأ : " ما هي " بطرح الهاء في الوصل ابن إسحاق والأعمش ، وروى المبرد " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل : لا أم لك ، فقال : يا رسول الله ، أتدعوني إلى الهدى وتقول : لا أم لك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما أردت لا نار لك ، " قال الله تعالى : { فأمه هاوية } .