Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 106, Ayat: 1-4)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وحفص عن عاصم وحمزة والكسائي : { لإيلاف قريش إيلافهم } على إفعال والهمزة الثانية ياء ، وقرأ ابن عامر " لألآف " على فعال { إيلافهم } على أفعال بياء في الثانية ، وقرأ أبو بكر عن عاصم : بهمزتين فيهما الثانية ساكنة ، قال أبو علي : وتحقيق عاصم هاتين الهمزتين لا وجه له ، وقرأ أبو جعفر : " إلْفهم " بلام ساكنة ، و { قريش } ولد النضر بن كنانة ، والتقرش : التكسب ، وتقول ألف الرجل الأمر وآلفه غيره ، فالله عز وجل آلف قريشاً أي جعلهم يألفون رحلتين في العام ، رحلة في الشتاء وأخرى في الصيف ، ويقال أيضاً ألف بمعنى آلف ، وأنشد أبو زيد : [ الطويل ] @ من المؤلفات الرمل أدماء حرة شعاع الضحى في جيدها يتوضح @@ فألف وإلاف مصدر ألف ، و " إيلاف " مصدر آلف ، قال بعض الناس : كانت الرحلتان إلى الشام في التجارة ، وقيل الأرباح ، ومنه قول الشاعر : [ الكامل ] @ سفرين بينهما له ولغيره سفر الشتاء ورحلة الأصياف @@ وقال ابن عباس : كانت { رحلة الشتاء } إلى اليمن ، ورحلة الصيف إلى بصرى من أرض الشام ، قال أبو صالح : كانت جميعاً إلى الشام ، وقال ابن عباس أيضاً : كانوا يرحلون في الصيف إلى الطائف حيث الماء والظل ، ويرحلون في الشتاء إلى مكة للتجارة وسائر أغراضهم ، فهاتان رحلتا الشتاء والصيف ، قال الخليل بن أحمد فمعنى الآية : لأن فعل الله بقريش هذا ومكنهم من الفهم هذه النعمة { فليعبدوا رب هذا البيت } . قال القاضي أبو محمد : وذكر البيت هنا متمكن لتقدم حمد الله في السورة التي قبل ، وقال الأخفش ، وغيره : { لإيلاف } ، متعلقة بقوله : { فجعلهم كعصف مأكول } [ الفيل : 5 ] ، أي ليفعل بقريش هذه الأفاعيل الجميلة ، وقال بعض المفسرين معنى الآية : أعجبوا { لإيلاف قريش } ، هذه الأسفار وإعراضهم عن عبادة الله ، ثم أمرهم بالعبادة بعد وأعلمهم أن الله تعالى هو الذي { أطعمهم } { وآمنهم } لا سفرهم ، المعنى : فليعبدوا الذي أطعمهم بدعوة إبراهيم حيث قال : وارزقهم من الثمرات ، وآمنهم بدعوته حيث قال : { رب اجعل هذا البلد آمناً } [ إبراهيم : 35 ] ولا يشتغلوا بالأسفار التي إنما هي طلب كسب وعرض دنيا ، وقال النقاش : كانت لهم أربع رحل ، وهذا قول مردود ، وقال عكرمة : معنى الآية كما ألفوا هاتين الرحلتين لدنياهم { فليعبدوا رب هذا البيت } لآخرتهم ، وقال قتادة : إنما عددت عليهم الرحلتان لأنهم كانوا يأمنون الناس في سفرتهم ، والناس يغير بعضهم على بعض ، ولا يمكن قبيلاً من العرب أن يرحل آمناً ، كما تفعل قريش ، فالمعنى فليعبدوا الذي خصهم بهذه الحال فأطعمهم وآمنهم ، وقوله تعالى : { من جوع } معناه أن أهل مكة قاطنون بواد غير ذي زرع عرضة للجوع والجدب لولا لطف الله تعالى ، وأن جعلها بدعوة إبراهيم تجبى إليها ثمرات كل شيء ، وقوله تعالى : { من خوف } أي جعلهم لحرمة البيت مفضلين عند العرب يأمنون والناس خائفون ، ولولا فضل الله تعالى في ذلك لكانوا بمدارج المخاوف ، وقال ابن عباس والضحاك : { من خوف } معناه من الجذام فلا ترى بمكة مجذوماً .