Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 63-65)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { أرأيتم } هو من رؤية القلب ، أي أتدبرتم ؟ والشرط الذي بعده وجوابه يسد مسد مفعولي { أرأيتم } ، و " البينة " : البرهان واليقين ، والهاء في " بيّنة " للمبالغة ، ويحتمل أن تكون هاء تأنيث ، و " الرحمة " في هذه الآية : النبوة وما انضاف إليها ، وفي الكلام محذوف تقديره أيضرني شككم أو أيمكنني طاعتكم ونحو هذا مما يليق بمعنى الآية . وقوله { فما تزيدونني غير تخسير } معناه : فما تعطونني فيما أقتضيه منكم من الإيمان وأطلبكم به من الإنابة غير تخسير لأنفسكم ، وهو من الخسارة ، وليس التخسير في هذه الآية إلا لهم وفي حيزهم ، وأضاف الزيادة إليه من حيث هو مقتض لأقوالهم موكل بإيمانهم ، كما تقول لمن توصيه : أنا أريد بك خيراً وأنت تريد بي شراً . فكأن الوجه البيّن ؛ وأنت تزيد شراً ولكن من حيث كنت مريد خير به ومقتضي ذلك - حسن أن تضيف الزيادة إلى نفسك . وقوله تعالى : { ويا قوم هذه ناقة الله } الآية ، اقتضب في هذه الآية ذكر أول أمر الناقة ، وذلك أنه روي أن قومه طلبوا منه آية تضطرهم إلى الإيمان ، فأخرج الله ، جلت قدرته ، لهم الناقة من الجبل ، وروي أنهم اقترحوا تعيين خروج الناقة من تلك الصخرة ، فروي أن الجبل تمخض كالحامل ، وانصدع الحجر ، وخرجت منه ناقة بفصيلها ، وروي أنها خرجت عشراء ، ووضعت بعد خروجها ، فوقفهم صالح وقال لهم : { هذه ناقة الله لكم آية } ، ونصب { آية } على الحال . وقرأت فرقة " تأكلْ " بالجزم على جواب الأمر ، وقرأت فرقة : " تأكلُ " على طريق القطع والاستئناف ، أو على أنه الحال من الضمير في { ذروها } . وقوله { ولا تمسوها بسوء } عام في العقر وغيره ، وقوله : { فيأخذكم عذاب قريب } هذا بوحي من الله إليه أن قومك إذا عقروا الناقة جاءهم عذاب قريب المدة من وقت المعصية ، وهي الأيام الثلاثة التي فهمها صالح عليه السلام من رغاء الفصيل على جبل القارة . وأضاف العقر إلى جميعهم لأن العاقر كان منهم وكان عن رضى منهم وتمالؤ ، وعاقرها قدار ، وروي في خبر ذلك أن صالحاً أوحى الله إليه أن قومك سيعقرون الناقة وينزل بهم العذاب عند ذلك ، فأخبرهم بذلك فقالوا : عياذاً بالله أن نفعل ذلك ، فقال : إن لم تفعلوا أنتم ذلك أوشك أن يولد فيكم من يفعله ، وقال لهم : صفة عاقرها أحمر أزرق أشقر ، فجعلوا الشرط مع القوابل وأمروهم بتفقد الأطفال ، فمن كان على هذه الصفة قتل ، وكان في المدينة شيخان شريفان عزيزان ، وكان لهذا ابن ولهذا بنت ، فتصاهرا فولد بين الزوجين قدار ، على الصفة المذكورة ، فهم الشرط بقتله ، فمنع منه جداه حتى كبر ، فكان الذي عقرها بالسيف في عراقيبها ، وقيل : بالسهم في ضرعها وهرب فصيلها عن ذلك ، فصعد على جبل يقال له القارة ، فرغاً ثلاثاً ، فقال صالح : هذا ميعاد ثلاثة أيام للعذاب ، وأمرهم قبل رغاء الفصيل أن يطلبوه عسى أن يصلوا إليه فيندفع عنه العذاب به ، فراموا الصعود إليه في الجبل ، فارتفع الجبل في السماء حتى ما تناله الطير ، وحينئذ رغا الفصيل . وقوله { في داركم } هي جمع دارة كما تقول ساحة وساح وسوح ، ومنه قول أمية بن أبي الصلت : [ الوافر ] @ له داع بمكةَ مشمعلّ وآخر عند دارته ينادي @@ ويمكن أن يسمى جميع مسكن الحي داراً ، و " الثلاثة الأيام " تعجيز قاس الناس عليه الاعذار إلى المحكوم عليه ونحوه . قال القاضي أبو محمد : وذلك عندي مفترق لأنها في المحكوم عليه والغارم في الشفعة ونحوه توسعة ، وهي هنا توقيف على الخزي والتعذيب ، وروى قتادة عن ابن عباس أنه قال : لو صعدتم على القارة لرأيتم عظام الفصيل .