Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 110, Ayat: 1-3)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ ابن عباس : { إذا جاء نصر الله والفتح } ، وسأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه جمعاً من الصحابة الأشياخ وبالحضرة لابن عباس عن معنى هذه السورة وسببها ، فقالوا كلهم بمقتضى ظاهر ألفاظها ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر عند الفتوح التي فتحت عليه مكة وغيرها بأن يسبح ربه ويحمده ويستغفره ، فقال لابن عباس : ما تقول أنت يا عبد الله ؟ فقال : هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه الله بقربه إذا رأى هذه الأشياء ، فقال عمر ما أعلم منها إلا ما ذكرت ، وهذا المنزع الذي ذكره ابن عباس ذكره ابن مسعود وأصحابه ومجاهد وقتادة والضحاك ، وروت معناه عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم و " أنه عليه السلام لما فتحت مكة وأسلمت العرب جعل يكثر أن يقول " سبحان الله وبحمده ، اللهم إني أستغفرك " يتأول القرآن في هذه السورة ، وقال لها مرة : " ما أراه إلا حضور أجلي " وتأوله عمر والعباس بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فصدقهما . و " النصر " الذي رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو غلبته لقريش ولهوازن وغير ذلك ، { والفتح } : هو فتح مكة والطائف ومدن الحجاز وكثير من اليمن ودخول الناس في الإسلام { أفواجاً } ، كان بين فتح مكة إلى موته صلى الله عليه وسلم ، قال أبو عمر بن عبد البر النمري رحمه الله في كتاب الاستيعاب في الصحابة في باب أبي خراش الهذلي : لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي العرب رجل كافر ، بل دخل الكل في الإسلام بعد حنين والطائف ، منهم من قدم ومنهم من قدم وفده ، ثم كان بعده من الردة ما كان ورجعوا كلهم إلى الدين . قال القاضي أبو محمد : والمراد والله أعلم عرب عبدة الأوثان ، وأما نصارى بني تغلب فما أراهم أسلموا قط في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكن أعطوا الجزية ، والأفواج : الجماعة أثر الجماعة ، كما قال تعالى : { ألقي فيها فوج } [ الملك : 8 ] وقال مقاتل : المراد بالناس أهل اليمن وفد منهم سبعمائة رجل ، وقاله عكرمة ، وقال الجمهور : المراد جميع وفود العرب لأنهم قالوا : إذا فتح الحرم لمحمد عليه السلام وقد حماه الله من الحبشة وغيرهم فليس لكم به يدان ، وذكر جابر بن عبد الله فرقة الصحابة فبكى وقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " دخل الناس في الدين أفواجاً وسيخرجون منه أفواجاً " وقوله : { إنه كان تواباً } يعقب ترجية عظيمة للمستغفرين ، جعلنا الله منهم ، وحكى النقاش عن ابن عباس أن " النصر " صلح الحديبية ، وأن { الفتح } فتح مكة ، وقال ابن عمر : نزلت هذه السورة على النبي صلى الله عليه وسلم بمنى في وسط أيام التشريق في حجة الوداع وعاش بعدها ثمانين يوماً أو نحوها صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم .