Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 112, Ayat: 1-4)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ عمر بن الخطاب وابن مسعود والربيع بن خيثم : " قل هو الله أحد الواحد الصمد " ، وروى أبي بن كعب أن المشركين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسب ربه تعالى عما يقول الجاهلون فنزلت هذه السورة ، وروى ابن عباس أن اليهود دخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا محمد صف لنا ربك وانسبه فإنه وصف نفسه في التوراة ونسبها ، فارتعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى خر مغشياً عليه ونزل عليه جبريل بهذه السورة ، وقال أبو العالية قال قتادة : الأحزاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم : انسب لنا ربك ، فأتاه الوحي بهذه السورة ، و { أحد } معناه : فرد من جميع جهات الوحدانية ، ليست كمثله شيء ، وهو ابتداء و { الله } ابتداء ثان و { أحد } خبره ، والجملة خبر الأول ، وقيل : { هو } ابتداء و { الله } خبره و { أحد } بدل منه ، وحذف أبو عمرو التنوين من { أحد } لالتقاء الساكنين " أحدُ الله " وأثبتها الباقون مكسورة للالتقاء ، وأما وفقهم كلهم فبسكون الدال ، وقد روي عن أبي عمرو : الوصل بسكون الدال ، وروي عنه أيضاً تنوينها ، و { الصمد } في كلام العرب السيد الذي يصمد إليه في الأمور ويستقل بها ، وأنشدوا : [ الطويل ] @ ألا بكر الناعي بخير بني أسد بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد @@ وبهذا تفسر هذه الآية لأن الله جلت قدرته هو موجود الموجودات ، وإليه تصمد به قوامها ، ولا غني بنفسه إلا هو تبارك وتعالى ، وقال كثير من المفسرين : { الصمد } الذي لا جوف له ، كأنه بمعنى المصمت ، وقال الشعبي : هو الذي لا يأكل ولا يشرب ، وفي هذا التفسير كله نظر ، لأن الجسم في غاية البعد عن صفات الله تعالى . فما الذي تعطينا هذه العبارات ، و { الله الصمد } ابتداء وخبر ، وقيل : { الصمد } نعت ، والخبر فيما بعد ، وقوله تعالى : { لم يلد ولم يولد } رد على إشارة الكفار في النسب الذي سألوه ، وقال ابن عباس : تفكروا في كل شيء ولا تتفكروا في ذات الله تعالى . قال القاضي أبو محمد : لأن الأفهام تقف دون ذلك حسيرة ، والمؤمنون يعرفون الله تعالى بواجب وجوده وافتقار كل شيء إليه واستغنائه عن كل شيء وينفي العقل عنه كل ما لا يليق به تبارك وتعالى ، وأن ليس كمثله شيء ، وكل ما ذكرته فهو في ضمن هذه السورة الوجيزة البليغة ، قوله تعالى : { ولم يكن له كفؤاً أحد } معناه : ليس له ضد ولا ند ولا شبيه ، والكفأ والكفؤ والكفاء النظير ، وقرأ " كُفؤاً " بضم الكاف وهمز مسهل نافع والأعرج وأبو جعفر وشيبة ، وقرأ بالهمز عاصم وأبو عمرو بخلاف عنه ، وقرأ حمزة : " كفْواً " بالهمز وإسكان الفاء وروي عن نافع " كفاً " بفتح الفاء وبغير همز . وقرأ سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس : " ولم يكن له كِفاء أحد " بكسر الكاف وفتح الفاء ، والمد ، و { كفؤاً } : خبر كان واسمها { أحد } ، والظرف ملغى ، وسيبويه رحمه الله يستحسن أن يكون الظرف إذا تقدم خبراً ، ولكن قد يجيء ملغى في أماكن يقتضيها المعنى كهذه الآية ، وكما قال الشاعر : @ ما دام فيهن فصيل حيا @@ ويحتمل أن يكون : { كفؤاً } ، حالاً لما قدم من كونه وصفاً للنكرة ، كما قال : لعزة موحشاً طلل ، قال سيبويه : وهذا يقل في الكلام ، وبابه الشعر ، وقال صلى الله عليه وسلم : " إن { قل هو الله أحد } تعدل ثلث القرآن " . قال القاضي أبو محمد : بما فيها من التوحيد .