Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 1-3)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

تقدم القول في الحروف المقطعة في أوائل السور والاختلاف في ذلك . و { كتاب } رفع على خبر ابتداء مضمر تقديره هذا كتاب ، وهذا على أكثر الأقوال في الحروف المقطعة ، وأما من قال فيها ، إنها كناية عن حروف المعجم ، فـ { كتاب } مرتفع بقوله : { الر } أي هذه الحروف كتاب أنزلناه إليك ، وقوله : { أنزلناه } في موضع الصفة للكتاب . قال القاضي ابن الطيب وأبو المعالي وغيرهما : إن الإنزال لم يتعلق بالكلام القديم الذي هو صفة الذات ، لكن بالمعاني التي أفهمها الله تعالى جبريل عليه السلام من الكلام . وقوله : { لتخرج } أسند الإخراج إلى النبي صلى الله عليه وسلم من حيث له فيه المشاركة بالدعاء والإنذار ، وحقيقته إنما هي لله تعالى بالاختراع والهداية . وفي هذه اللفظة تشريف للنبي عليه السلام . وعم { الناس } إذ هو مبعوث إلى جميع الخلق ، ثبت ذلك بآيات القرآن التي اقترن بها ما نقل تواتراً من دعوته العالم كله ، ومن بعثته إلى الأحمر والأسود علم الصحابة ذلك مشاهدة ، ونقل عنهم تواتراً ، فعلم قطعاً والحمد لله . واستعير { الظلمات } للكفر ، و { النور } للإيمان ، تشبيهاً . وقوله : { بإذن ربهم } ، أي بعلمه وقضائه به وتمكينه لهم … و { إلى } في قوله : { إلى صراط } بدل من الأولى في قوله : { إلى النور } أي إلى المحجة المؤدية إلى طاعة الله وللإيمان به ورحمته ، فأضافها إلى الله بهذه التعلقات . و { العزيز الحميد } صفتان لائقتان بهذا الموضع ، فالعزة من حيث الإنزال للكتاب ، وما في ضمن ذلك من القدرة ، واستيجاب الحمد من جهة بث هذه النعم على العالم في نصب هدايتهم . وقرأ نافع وابن عامر " اللهُ الذي " برفع اسم الله على القطع والابتداء وخبره " الذي " ، ويصح رفعه على تقدير هو الله الذي . وقرأ الباقون بكسر الهاء على البدل من قوله : { العزيز الحميد } ، وروى الأصمعي وحده هذه القراءة عن نافع . وعبر بعض الناس عن هذا بأن قال : التقدير : إلى صراط الله العزيز الحميد ، ثم قدم الصفات وأبدل منها الموصوف . قال القاضي أبو محمد : وإذا كانت هكذا فليست بعد بصفات على طريقة صناعة النحو ، وإن كانت بالمعنى صفاته ، ذكر معها أو لم يذكر . وقوله : { وويل } معناه : وشدة وبلاء ونحوه . أي يلقونه من عذاب شديد ينالهم الله به يوم القيامة ، ويحتمل أن يريد في الدنيا ، هذا معنى قوله : { وويل } . وقال بعض : " ويل " اسم واد في جهنم يسيل من صديد أهل النار . قال القاضي أبو محمد : وهذا خبر يحتاج إلى سند يقطع العذر ، ثم لو كان هذا لقلق تأويل هذه الآية لقوله : { من عذاب } وإنما يحسن تأوله في قوله : { ويلٌ للمطففين } [ المطففين : 1 ] وما أشبهه ، وأما هنا فإنما يحسن في " ويل " أن يكون مصدراً ، ورفعه على نحو رفعهم : سلام عليك وشبهه . و { الذين } بدل من الكافرين وقوله : { يستحبون } من صفة الكافرين الذين توعدهم قبل ، والمعنى : يؤثرون دنياهم وكفرهم وترك الإذعان للشرع على رحمة الله وسكنى جنته ، وقوله { يصدون } يحتمل أن يتعدى وأن يقف ، والمعنى على كلا الوجهين مستقل ، تقول : صد زيد وصد غيره ، ومن تعديته قول الشاعر : [ الوافر ] @ صددتِ الكأس عنا أمَّ عمرو وكان الكأس مجراها اليمينا @@ و { سبيل الله } طريقة هداه وشرعه الذي جاء به رسوله . وقوله : { ويبغونها عوجاً } يحتمل ثلاثة أوجه من التأويل : أظهرها أن يريد : ويطلبونها في حالة عوج منهم . ولا يراعى إن كانوا بزعمهم على طريق نظر وبسبيل اجتهاد واتباع الأحسن ، فقد وصف الله تعالى حالهم تلك بالعوج ، وكأنه قال : ويصدون عن سبيل الله التي هي بالحقيقة سبيله ، ويطلبونها على عوج في النظر . والتأويل الثاني أن يكون المعنى : ويطلبون لها عوجاً يظهر فيها ، أي يسعون على الشريعة بأقوالهم وأفعالهم . فـ { عوجاً } مفعول . والتأويل الثالث : أن تكون اللفظة من المعنى ، على معنى : ويبغون عليها أو فيها عوجاً ، ثم حذف الجار ، وفي هذا بعض القلق . وقال كثير من أهل اللغة : العِوج - بكسر العين - في الأمور وفي الدين ، وبالجملة في المعاني ، والعَوج - بفتح العين - في الأجرام . قال القاضي أبو محمد : ويعترض هذا القانون بقوله تعالى : { فيذرها قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً } [ طه : 107 ] وقد تتداخل اللفظة مع الأخرى ، ووصف " الضلال " بالبعد عبارة عن تعمقهم فيه . وصعوبة خروجهم منه .