Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 27-30)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ القول الثابت في الحياة الدنيا } ، كلمة الإخلاص والنجاة من النار : لا إله إلا الله ، والإقرار بالنبوة . وهذه الآية تعم العالم من لدن آدم عليه السلام إلى يوم القيامة ، وقال طاوس وقتادة وجمهور العلماء : { الحياة الدنيا } هي مدة حياة الإنسان . { وفي الآخرة } هي وقت سؤاله في قبره . وقال البراء بن عازب وجماعة { في الحياة الدنيا } هي وقت سؤاله في قبره - ورواه البراء عن النبي عليه السلام في لفظ متأول . قال القاضي أبو محمد : ووجه القول لأن ذلك في مدة وجود الدنيا . وقوله { في الآخرة } هو يوم القيامة عند العرض . قال القاضي أبو محمد : والأول أحسن ، ورجحه الطبري . و { الظالمين } في هذه الآية ، الكافرين ، بدليل أنه عادل بهم المؤمنين ، وعادل التثبيت بالإضلال ، وقوله : { ويفعل الله ما يشاء } تقرير لهذا التقسيم المتقدم ، كأن امرأً رأى التقسيم فطلب في نفسه علته ، فقيل له : { ويفعل الله ما يشاء } بحق الملك . وفي هذه الآية رد على القدرية . وذكر الطبري في صفة مساءلة العبد في قبره أحاديث ، منها ما وقع في الصحيح . وهي من عقائد الدين ، وأنكرت ذلك المعتزلة . ولم تقل بأن العبد يسال في قبره ، وجماعة السنة تقول : إن الله يخلق له في قبره إدراكات وتحصيلاً ، إما بحياة كالمتعارفة ، وإما بحضور النفس وإن لم تتلبس بالجسد كالعرف ، كل هذا جائز في قدرة الله تعالى ، غير أن في الأحاديث : " إنه يسمع خفق النعال " ، ومنها : " إنه يرى الضوء كأن الشمس دنت للغروب " ، وفيها : " إنه ليراجع " ، وفيها : " فيعاد روحه إلى جسده " ، وهذا كله يتضمن الحياة - فسبحان رب هذه القدرة . وقوله : { ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً } الآية ، هذا تنبيه على مثال من ظالمين أضلوا ، والتقدير : بدلوا شكر نعمة الله كفراً ، وهذا كقوله : { وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون } [ الواقعة : 82 ] . و { نعمة الله } المشار إليها في هذه الآية هو محمد عليه السلام ودينه ، أنعم الله به على قريش ، فكفروا النعمة ولم يقبلوها ، وتبدلوا بها الكفر . والمراد بـ { الذين } كفرة قريش جملة - هذا بحسب ما اشتهر من حالهم - وهو قول جماعة من الصحابة والتابعين . وروي عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب : أنها نزلت في الأفجرين من قريش : بني مخزوم وبني أمية . قال عمر : فأما بنو المغيرة فكفوا يوم بدر . وأما بنو أمية فمتعوا إلى حين ، وقال ابن عباس : هذه الآية في جبلة بن الأيهم . قال القاضي أبو محمد : ولم يرد ابن عباس أنها فيه نزلت لأن نزول الآية قبل قصته ، وإنما أراد أنها تحصر من فعل جبلة إلى يوم القيامة . وقوله : { وأحلوا قومهم } أي من أطاعهم ، وكان معهم في التبديل ، فكأن الإشارة والتعنيف إنما هي للرؤوس والأعلام ، و { البوار } الهلاك ، ومنه قول أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب : @ يا رسول المليك إن لساني فاتقٌ ما رتَقْتَ إذ أنا بُور @@ قاله الطبري : وقال هو وغيره : إنه يروى لابن الزبعرى ، ويحتمل أن يريد بـ { البوار } : الهلاك في الآخرة ففسره حينئذ بقوله : { جهنم يصلونها } ، يحترقون في حرها ويحتملونه ، ويحتمل أن يريد بـ { البوار } : الهلاك في الدنيا بالقتل والخزي فتكون " الدار " قليب بدر ونحوه . وقال عطاء : نزلت هذه الآية في قتلى بدر . قال القاضي أبو محمد : فيكون قوله : { جهنم } نصباً ، على حد قولك : زيداً ضربته ، بإضمار فعل يقتضيه الظاهر . و { القرار } : موضع استقرار الإنسان ، و { أنداداً } جمع ند وهو المثيل والمشبه المناوىء والمراد الأصنام . واللام في قوله : { ليضلوا } - بضم الياء - لام كي ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو " ليَضلوا " بفتح الياء - أي هم أنفسهم - فاللام - على هذا - لام عاقبة وصيرورة وقرأ الباقون " ليُضلوا " - بضم الياء - أي غيرهم . وأمرهم بالتمتع هو وعيد وتهديد على حد قوله : { اعملوا ما شئتم } [ فصلت : 40 ] وغيره .