Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 66-69)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
" الإزجاء " : سوق الثقيل السير ، إما لضعف أو ثقل حمل أو غيره ، فالإبل الضعاف تزجى ، ومنه قول الفرزدق : [ البسيط ] @ على زواحف تزجيها محاسير @@ والسحاب تزجى ومنه قوله تعالى { ألم تر أن الله يزجي سحاباً } [ النور : 43 ] والبضاعة المزجاة هي التي تحتاج لاختلالها أن تساق بشفاعة وتدفع بمعاون إلى الذي يقبضها ، وإزجاء { الفلك } سوقه بالريح اللينة والمجاديف ، و { الفلك } و { البحر } الماء الكثير عذباً كان أو ملحاً ، وقد غلب الاسم على هذا المشهور ، و { الفلك } تجري فيها . وقوله { لتبتغوا من فضله } لفظ يعم البصر ، وطلب الأجر ، في حج أو غزو ونحوه ، ولا خلاف في جواز ركوبه للحج والجهاد والمعاش ، واختلف في وجوبه للحج ، أعني الكثير منه ، واختلف في كراهيته للثروة وتزيد المال ، وقد روي عنه أنه قال " البحر لا أركبه أبداً " ، وهذا حديث يحتمل أنه رأي رآه لنفسه ، ويحتمل أنه أوحي إليه ذلك ، وهذه الآية توقيف على آلاء الله وفضله عند عباده . و { الضر } لفظ يعم خوف الغرق ، والامتساك في المشي ، وأهول حالاته : اضطرابه وتموجه . وقوله { ضل } معناه تلف وفقد ، وهي عبارة تحقير لمن يدعي إلهاً من دون الله ، والمعنى في هذه الآية أن الكفار إنما يعتقدون في أصنامهم أنها شافعة ، وأن لها فضلاً ، وكل واحد منهم بالفطرة يعلم علماً لا يقدر على مدافعته أن الأصنام لا فعل لها في الشدائد العظام ، فوفقهم الله من ذلك على حالة البحر . وقوله { أعرضتم } أي لم تفكروا في صنع الله وقت حاجتكم إليه ، وقوله { كفوراً } أي بالنعم . و { الإنسان } هنا للجنس ، وكل أحد لا يكاد يؤدي شكر الله تعالى كما يجب ، وقال الزجاج { الإنسان } يراد به الكفار ، وهذا غير بارع . وقوله { أفأمنتم } الآية ، المعنى { أفأمنتم } أيها المعرضون الناسون الشدة ، حين صرتم إلى الرخاء " أن يخسف الله بكم مكانكم من البر " إذا أنتم في قبضة القدرة في البحر والبر ، و " الحاصب " العارض الرامي بالبرد والحجارة ونحو ذلك ، ومنه قول الشاعر : [ البسيط ] @ مستقبلين شمال الشام تضربنا بحاصب كنديف القطن منثور @@ ومنه قول الأخطل : [ الكامل ] @ ترمي العصاة بحاصب من ثلجها حتى يبيت على العضاه جمالا @@ ومنه الحاصب الذي أصاب قوم لوط ، والحصب : الرمي بالحصباء ، وهي الحجارة الصغار ، وقرأ نافع وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي " يخسف " بالياء على معنى يخسف الله ، وكذلك " يرسل " و " يعيد " و " يرسل " و " يغرق " ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ذلك كله بالنون ، وقرأ أبو جعفر ومجاهد " تغرقكم " بالتاء أي الريح ، وقرأ حميد " نغرقكم " بالنون حقيقة وأدغم القاف في الكاف ، ورويت عن أبي عمرو وابن محيصن وقرأ الحسن وأبو رجاء " يغرّقكم " بشد الراء . و " الوكيل " القائم بالأمور ، و " القاصف " الذي يكسر كل ما يلقى ويقصفه ، و { تارة } ، جمعها تارات وتير ، معناه : مرة أخرى ، وقرأ أبو جعفر : " من الرياح " بالجمع . و " التبيع " الذي يطلب ثأراً أو ديناً ، ومنه قول الشاعر : [ الطويل ] @ غدوا وغدت غزلانهم فكأنها ضوامن عزم لزهن تبيع @@ ومن هذه اللفظة قول النبي عليه السلام : " إذا اتبع أحدكم على ملي فليتبع " فالمعنى لا تحدون من يتبع فعلنا بكم ويطلب نصرتكم .