Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 7-11)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المعنى قيل له بإثر دعائه { يا زكريا إنا نبشرك بغلام } يولد لك { اسمه يحيى } وقرأ الجمهور " بَشِّرك " بفتح الباء وكسر الشين مشددة ، وقرأ أصحاب ابن مسعود " نبْشُرك " بسكون الباء وضم الشين ، قال قتادة : سمي { يحيى } لأن الله أحياه بالنبوءة والإيمان ، وقال بعضهم سمي بذلك لأن الله أحيا له الناس بالهدى . وقوله { سمياً } معناه في اللغة لم نجعل لم مشاركاً في هذا الاسم ، أي لم يتسم قبل بـ { يحيى } وهذا قول قتادة وابن عباس وابن أسلم والسدي ، وقال مجاهد وغيره { سمياً } معناه مثلاً ونظيراً وهذا كأنه من المساماة والسمو ، وفي هذا بعد لأنه لا يفضل على إبراهيم وموسى اللهم إلا أن يفضل في خاص بالسؤود والحصر . وقال ابن عباس معناه لم تلد العواقر مثله . وقول زكرياء { أنى يكون لي غلام } اختلف الناس فيه فقالت فرقة : إنما كان طلب الولي دون تخصيص ولد فلما بشر بالولد استفهم عن طريقه مع هذه الموانع منه ، وقالت فرقة : إنما كان طلب الولد وهو بحال يرجو الولد فيها بزواج غير العاقر أو تسرٍّ ، ولم تقع إجابته إلا بعد مدة طويلة صار فيها الى حال من لا يولد له فحينئذ استفهم وأخبر عن نفسه بـ { الكبر } والعتو فيه . وقالت فرقة : بل طلب الولد فلما بشر به لحين الدعوة تفهم على جهة السؤال لا على جهة الشك كيف طريق الوصول الى هذا وكيف نفذ القدر به ؟ لا أنه بعد عنده هذا في قدرة الله . و " العتي " و " العسي " المبالغة في الكبر أو يبس العود أو شيب الرأس أو عقيدة ما ونحو هذا ، وقرأ حمزة الكسائي " عِتياً " بكسر العين والباقون بضمها ، وقرأ ابن مسعود " عَتياً " بفتح العين ، وحكى أبو حاتم أن ابن مسعود قرأ " عُسياً " بضم العين وبالسين وحكاها الداني عن ابن عباس أيضاً ، وحى الطبري عن ابن عباس أنه قال : ما أدري أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر ولا أدري أكان يقرأ { عتياً } أو " عسياً " بالسين . وحكى الطبري عن السدي أنه قال : نادي جبريل زكرياء إن الله يبشرك { بغلام إسمه يحيى } فلقيه الشيطان فقال له إن ذلك الصوت لم يكن لملك وإنما كان لشيطان فحينئذ قال زكرياء { أنى يكون لي غلام } ، ليثبت إن ذلك من عند الله ، و { زكرياء } هو من ذرية هارون عليه السلام ، وقال قتادة : جرى له هذا الأمر وهو ابن بضع وسبعين سنة وقيل ابن سبعين وقال الزجاج : ابن خمس وستين فقد كان غلب على ظنه أنه لا يولد له . وقوله { قال كذلك } قيل إن المعنى قال له الملك { كذلك } فليكن الوجود كما قيل لك { قال ربك } خلق الغلام { عليّ هين } ، أي غير بدع فكما { خلقتك من قبل } وأخرجتك من عدم الى وجود كذلك أفعل الآن ، وقال الطبري : معنى قوله { كذلك } أي الأمران اللذان ذكرت من المرأة العاقر والكبرة هو { كذلك } ولكن { قال ربك } قال القاضي والمعنى عندي قال الملك { كذلك } أي على هذه الحال { قال ربك هو علي هين } . وقرأ الجمهور " وقد خلقتك " وقرأ حمزة الكسائي " وقد خلقناك " . وقوله { ولم تك شيئاً } أي موجوداً ، قال زكرياء { رب اجعل لي آية } علامة أعرف بها صحة هذا وكونه من عندك . وروي أن زكرياء عليه السلام لما عرف ثم طلب الآية بعد ذلك عاقبه الله تعالى بأن أصابه بذلك السكوت عن كلام الناس ، وذلك وإن لم يكن عن مرض خرس أو نحوه ففيه على كل حال عقاب . ما روي عن ابن زيد أن زكرياء لما حملت زوجته منه يحيى أصبح لا يستطيع أن يكلم احداً ، وهو مع ذلك يقرأ التوراة ويذكر الله ، فإذا أراد مقاولة أحد لم يطقه ، ويحتمل على هذا أن يكون قوله { اجعل لي آية } معناه علامة أعرف بها أن الحمل قد وقع ، وبذلك فسر الزجاج . ومعنى قوله { سوياً } فيما قال الجمهور صحيحاً من غير علة ولا خرس ، وقال ابن عباس أيضاً ذلك عائد على " الليالي " أراد كاملات مستويات ، وقوله { فخرج على قومه } المعنى أن الله تعالى أظهر الآية بأن خرج زكرياء من محرابه وهو موضع مصلاة ، و { المحراب } أرفع المواضع والمباني اذ هي تحارب من ناوأها ثم خص بهذا الاسم مبنى الصلاة ، وكانوا يتخذونها فيما ارتفع من الأرض ، واختلف الناس في اشتقاقه ، فقالت فرقة : هو مأخوذ من الحرب كأن ملازمة يحارب الشيطان والشهوات ، وقالت فرقة : هو مأخوذ من الحرَب بفتح الراء كأن ملازمه يلقى منه حرباً وتعباً ونصباً ، وفي اللفظ بعد هذا نظر ، وقوله { فأوحى } قال قتادة وابن منبه : كان ذلك بإشارة ، وقال مجاهد : بل بأن كتبه في التراب . قال القاضي أبو محمد : وكلا الوجهين وحي . وقوله { أن سبحوا } ، { أن } مفسرة بمعنى " أي " ، و { سبحوا } قال قتادة : معناه صلوا ، والسبحة الصلاة ، وقالت فرقة : بل أمرهم بذكر الله وقول سبحان الله . وقرأ طلحة " أن سبحوه " بضمير ، وباقي الآية ويقال " وحى وأوحى " بمعنى واحد .