Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 88-96)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الضمير في { قالوا } للكفار من العرب في قولهم للملائكة بنات الله وللنصارى ولكل من كفر بهذا النوع من الكفر ، وقوله { جئتم شيئاً } بعد الكناية عنهم بمعنى قل لهم يا محمد ، و " الإد " الأمر الشنيع الصعب وهي الدواهي والشنع العظيمة ، ويروى عن النبي عليه السلام أن هذه المقالة أول ما قيلت في العالم شاك الشجر وحدثت ، وفي نسخة ، وحدثت مرائره واستعرت جهنم وغضبت الملائكة وقرأ الجمهور ، " إداً " بكسر الهمزة ، وقرأ أبو عبدالرحمن " أداً " بفتح الهمزة ، ويقال إد وأد وآد بمعنى ، وقرأ ابن كثير هنا وفي حم عسق " تكاد " بالتاء " يتفطرون " بياء وفتح الطاء وشدها ، ورواها حفص عن عاصم ، وقرأ أبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر " تكاد " بالتاء " ينفطِرن " بياء ونون وكسر الطاء ، وقرأ نافع والكسائي " يكاد " بالياء على زوال علامة التأنيث " يتفطَّرن " بالياء والتاء وشد الطاء وفتحها في الموضعين ، وقرأ حمزة وابن عامر في مريم مثل أبي عمرو وفي عسق مثل ابن كثير وقال أبو الحسن الأخفش " تكاد " بمعنى تريد ، وكذلك قوله تعالى { أكاد أخفيها } [ طه : 15 ] وأنشد على أن كاد بمعنى أراد قول الشاعر : [ الكامل ] @ كادت وكدت وتلك خير إرادة لو عاد من زمن الصبابة ما مضى @@ ولا حجة في هذا البيت وهذا قول قلق ، وقال الجمهور : إنما هي استعارة لشنعة الأمر أي هذا حقه لو فهمت الجمادات قدره وهذا المعنى مهيع للعرب فمنه قول جرير : [ الكامل ] @ لما أتى خبر الزبير تواضعت سور المدينة والجبال الخشع @@ ومنه قول الآخر : [ الطويل ] @ ألم تر صدعاً في السماء مبيناً على ابن لبينى الحارث بن هشام @@ وقال الآخر : [ الوافر ] @ وأصبح بطن مكة مقشعراً كأن الأرض ليس بها هشام @@ والانفطار الانشقاق على غير رتبة مقصودة والهد الانهدام والتفرق في سرعة ، وقال محمد بن كعب : كاد أعداء الله أن يقيموا علينا الساعة ، وقوله { وما ينبغي } نفي على جهة التنزيه له عن ذلك ، وقد تقدم ذكر هذا المعنى ، وأقسام هذا اللفظ في هذه السورة ، وقوله { إن كل من في السموات } الآية { إن } نافية بمعنى ما ، وقرأ الجمهور " آتي الرحمن " بالإضافة ، وقرأ طلحة بن مصرف " آتٍ الرحمن " بتنوين " آت " والنصب في النون ، وقرأ ابن مسعود " لما آتى الرحمن " ، واستدل بعض الناس بهذه الآية على أن الولد لا يكون عبداً وهذا انتزاع بعيد ، و { عبداً } حال ، ثم أخبر تعالى عن إحاطته ومعرفته بعبيده فذكر الإحصاء ، ثم كرر المعنى بغير اللفظ ، وقرأ ابن مسعود " لقد كتبهم وعدهم " ، وفي مصحف أبيّ " لقد أحصاهم فأجملهم عدداً " . وقوله { عداً } تأكيد للفعل وتحقيق له ، وقوله { فرداً } يتضمن معنى قلة النصر والحول والقوة لا مجير له مما يريد الله به وقوله { سيجعل لهم الرحمن وداً } ذهب أكثر المفسرين الى أن هذا هو القبول الذي يضعه الله لمن يحب من عباده حسبما في الحديث المأثور ، وقال عثمان بن عفان إنها بمنزلة قول النبي عليه السلام " من أسر سريرة ألبسه الله رداءها " وفي حديث أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من عبد إلا وله في السماء صيت فان كان حسناً وضع في الأرض حسناً وإن سيئاً وضع كذلك " وقال عبدالرحمن بن عوف : إن الآية نزلت فيه وذلك أنه لما هاجر بمكة استوحش بالمدينة فشكا ذلك الى النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية في ذلك ، أي ستستقر نفوس المؤمنين ويودون حالهم ومنزلتهم ، وذكر النقاش أنها نزلت في علي بن أبي طالب ، قال ابن الحنفية : لا تجد مؤمناً إلا وهو يحب علياً وأهل بيته ، وقرأ الجمهور " وُداً " بضم الواو ، وقرأ أبو الحارث الحنفي بفتح الواو ، ويحتمل أن تكون الآية متصلة بما قبلها في المعنى ، أي إن الله تعالى لما أخبر عن إيتان { كل من في السماوات والأرض } في حالة العبودية والانفراد أنس المؤمنين بأنه سيجعل لهم في ذلك اليوم { وداً } وهو ما يظهر عليهم من كرامته لأن محبة الله لعبد إنما هي ما يظهر عليه من نعمه وأمارات غفرانه له .