Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 10-12)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

المرض عباة مستعارة للفساد الذي في عقائد هؤلاء المنافقين وذلك إما أن يكون شكاً ، وإما حجداً بسبب حسدهم مع علمهم بصحة ما يحجدون ، وبنحو هذا فسر المتأولون . وقال قوم : " المرض غمهم بظهور أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم " . وقرأ الأصمعي عن أبي عمر : " مرْض " بسكون الراء وهي لغة في المصدر قال أبو الفتح : " وليس بتخفيف " . واختلف المتأولون في معنى قوله { فزادهم الله مرضاً } فقيل هو دعاء عليهم ، وقيل هو خبر أن الله قد فعل بهم ذلك ، وهذه الزيادة هي بما ينزل من الوحي ويظهر من البراهين ، فهي على هؤلاء المنافقين عمى وكلما كذبوا زاد المرض . وقرأ حمزة : " فزادهم " بكسر الزاي ، وكذلك ابن عامر . وكان نافع يشم الزاي إلى الكسر ، وفتح الباقون . و { أليم } معناه مؤلم كما قال الشاعر وهو عمرو بن معدي كرب : [ الوافر ] . @ أمن ريحانة الداعي السميع @@ بمعنى : مسمع . وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر " يُكذِّبون " بضم الياء وتشديد الذال . وقرأ الباقون بفتح الياء وتخفيف الذال . فالقراءة بالتثقيل يؤيدها قوله تعالى قبل { وما هم بمؤمنين } فهذا إخبار بأنهم يكذبون . والقراءة بالتخفيف يؤيدها أن سياق الآيات إنما هي إخبار بكذبهم ، والتوعد بالعذاب الأليم ، متوجه على التكذيب ، وعلى الكذب في مثل هذه النازلة ، إذ هو منطوٍ على الكفر ، وقراءة التثقيل أرجح . و { إذا } ظرف زمان ، وحكي عن المبرد أنها في قولك في المفاجأة خرجت فإذا زيد ظرف مكان ، لأنها تضمنت جثة ، وهذا مردود لأن المعنى " خرجت فإذا حضور زيد " فإنما تضمنت المصدر ، كما يقتضيه سائر ظروف الزمان ، ومنه قولهم : " اليوم خمر ، وغداً أمر " فمعناه وجود خمر ووقوع أمر ، والعامل في { إذا } في هذه الآية { قالوا } . وأصل { قيل } قول نقلت حركة الواو إلى القاف فقلبت ياء لانكسار ما قبلها . وقرأ الكسائي : " قُيل وغُيض وسُيء وسُيئت وحُيل وسُيق وجُيء " بضم أوائل ذلك كله . وروي مثل ذلك عن ابن عامر . وروي أيضاً عنه أنه كسر " غِيض وقِيل وجِيء " ، الغين والقاف والجيم حيث وقع من القرآن وضم نافع من ذلك كله حرفين " سُيء وسُيئت " وكسر ما بقي . وكان ابن كثير وعاصم وأبوعمرو وحمزة يكسرون أوائل هذه الحروف كلها ، والضمير في { لهم } هو عائد إلى المنافقين المشار إليهم قبل . وقال بعض الناس : " الإشارة هنا هي إلى منافقي اليهود " . وقال سلمان الفارسي رضي الله عنه في تفسير هذه الآية : لم يجىء هؤلاء بعد ومعنى قوله : لم ينقرضوا بل هم يجيئون في كل زمان . و { لا تفسدوا في الأرض } معناه بالكفر وموالاة الكفرة ، و { نحن } اسم من ضمائر المرفوع مبني على الضم ، إذ كان اسماً قوياً يقع للواحد المعظم والاثنين والجماعة ، فأعطي أسنى الحركات . وأيضاً فلما كان في الأغلب ضمير جماعة ، وضمير الجماعة في الأسماء الظاهرة الواو أعطي الضمة إذ هي أخت الواو ، ولقول المنافقين : { إنما نحن مصلحون } ثلاث تأويلات : أحدها : جحد أنهم مفسدون وهذا استمرار منهم على النفاق . والثاني : أن يقروا بموالاة الكفار ويدعون أنها صلاح من حيث هم قرابة توصل . والثالث : أنهم مصلحون بين الكفار والمؤمنين ، فلذلك يداخلون الكفار . و { ألا } استفتاح كلام ، و " إن " بكسر الألف استئناف ، و { هم } الثاني رفع بالابتداء ، و { المفسدون } خبره والجملة خبر " إن " ، ويحتمل أن يكون فصلاً ويسميه الكوفيون : " العماد " ويكون { المفسدون } خبر " إن " فعلى هذا لا موضع لـ { هم } من الإعراب ، ويحتمل أن يكون تأكيداً للضمير في أنهم فموضعه نصب ، ودخلت الألف واللام في قوله : { المفسدون } لما تقدم ذكر اللفظة في قوله : { لا تفسدوا } فكأنه ضرب من العهد ، ولو جاء الخبر عنهم ولم يتقدم من اللفظة ذكر لكان ألا إنهم مفسدون ، قاله الجرجاني . قال القاضي أبو محمد : وهذه الألف واللام تتضمن المبالغة كما تقول زيد هو الرجل أي حق الرجل ، فقد تستغني عن مقدمة تقتضي عهداً ، و { لكن } بجملته حرف استدراك ، ويحتمل أن يراد هنا لا يشعرون أنهم مفسدون ، ويحتمل أن يراد لا يشعرون أن الله يفضحهم ، وهذا مع أن يكون قولهم { إنما نحن مصلحون } جحداً محضاً للإفساد . والاحتمال الأول هو بأن يكون قولهم : { إنما نحن مصلحون } اعتقاداً منهم أنه صلاح في صلة القرابة ، أو إصلاح بين المؤمنين والكافرين .