Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 130-132)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ من } استفهام في موضع رفع بالابتداء ، و { يرغب } خبره ، والمعنى يزهد ويربأ بنفسه عنها ، والملة الشريعة والطريقة ، و { سفه } من السفه الذي معناه الرقة والخفة ، واختلف في نصب { نفسه } ، فقال الزجاج : { سفه } بمعنى جهل وعداه بالمعنى ، وقال غيره : { سفه } بمعنى أهلك ، وحكى ثعلب والمبرد أن سفه بكسر الفاء يتعدى كسفه بفتح الفاء وشدها ، وحكي عن أبي الخطاب أنها لغة ، وقال الفراء نصبها على التمييز . قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه : لأن السفه يتعلق بالنفس والرأي والخلق ، فكأنه ميزها بين هذه ورأوا أن هذا التعريف ليس بمحض لأن الضمير فيه الإبهام الذي في { من } ، فكأن الكلام : إلا من سفه نفساً ، وقال البصريون : لا يجوز التمييز مع هذا التعريف ، وإنما النصب على تقدير حذف " في " ، فلما انحذف حرف الجر قوي الفعل ، وهذا يجري على مذهب سيبويه فيما حكاه من قولهم ضرب فلان الظهر والبطن أي في الظهر والبطن ، وحكى مكي أن التقدير { إلا من سفه } قوله { نفسه } على أن نفسه تأكيد حذف المؤكد وأقيم التوكيد مقامه قياساً على النعت والمنعوت . قال القاضي أبو محمد : وهذا قول متحامل ، و " اصطفى " " افتعل " من الصفوة معناه تخير الأصفى ، وأبدلت التاء طاء لتناسبها مع الصاد في الإطباق ، ومعنى هذا الاصطفاء أنه نبأه واتخذه خليلاً ، و { في الآخرة } متعلق باسم فاعل مقدر من الصلاح ، ولا يصلح تعلقه بـ { الصالحين } لأن الصلة لا تتقدم الموصول ، هذا على أن تكون الألف واللام بمعنى الذي ، وقال بعضهم : الألف واللام هنا للتعريف ويستقيم الكلام ، وقيل : المعنى أنه من عمل الآخرة { لمن الصالحين } ، فالكلام على حذف مضاف . وقوله تعالى : { إذ قال له ربه أسلم } ، العامل في { إذ } { اصطفيناه } ، وكان هذا القول من الله حين ابتلاه بالكوكب والقمر والشمس . والإسلام هنا على أتم وجوهه ، وقرأ نافع وابن عامر " وأوصى " ، وقرأ الباقون { ووصى } ، والمعنى واحد ، إلا أن وصى يقتضي التكثير ، والضمير في { بها } عائد على كلمته التي هي { أسلمت لرب العالمين } ، وقيل : على الملة المتقدمة ، والأول أصوب لأنه أقرب مذكور ، وقرأ عمرو بن فائد الأسواري " ويعقوبَ " بالنصب على أن يعقوب داخل فيمن أوصى ، واختلف في إعراب رفعه ، فقال قوم من النحاة : التقدير ويعقوب أوصى بنيه أيضاً ، فهو عطف على { إبراهيم } ، وقال بعضهم : هو مقطوع منفرد بقوله { يا بني } ، فتقدير الكلام ويعقوب قال يا بني ، و { اصطفى } هنا معناه تخير صفة الأديان ، والألف واللام في { الدين } للعهد ، لأنهم قد كانوا عرفوه ، وكسرت { إنّ } بعد { أوصى } لأنها بمعنى القول ، ولذلك سقطت " إن " التي تقتضيها " أوصى " في قوله " أن يا بني " ، وقرأ ابن مسعود والضحاك " أن يا بني " بثبوت أن . وقوله تعالى : { فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون } إيجاز بليغ ، وذلك أن المقصود منه أمرهم بالإسلام والدوام عليه ، فأتى ذلك بلفظ موجز يقتضي المقصود ويتضمن وعظاً وتذكيراً بالموت ، وذلك أن المرء يتحقق أنه يموت ولا يدري متى ؟ فإذا أمر بأمر لا يأتيه الموت إلا وهو عليه ، فقد توجه من وقت الأمر دائباً لازماً ، وحكى سيبويه فيما يشبه هذا المعنى قوله : لا أرينك ها هنا ، وليس إلى المأمور أن يحجب إدراك الأمر عنه ، فإنما المقصود ، اذهب وزل عن هاهنا ، فجاء بالمقصود بلفظ يزيد معنى الغضب والكراهية ، و { أنتم مسلمون } ابتداء وخبر في موضع الحال .