Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 254-254)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال ابن جريج : هذه الآية تجمع الزكاة والتطوع ، وهذا كلام صحيح فالزكاة واجبة والتطوع مندوب إليه ، وظاهر هذه الآية أنها مراد بها جميع وجوه البر من سبيل وصلة رحم ، ولكن ما تقدم من الآيات في ذكر القتال وأن الله يدفع بالمؤمنين في صدور الكافرين ، يترجح منه أن هذا الندب إنما هو في سبيل الله ، ويقوي ذلك قوله في آخر الآية : { والكافرون هم الظالمون } ، أي فكافحوهم بالقتال بالأنفس وإنفاق الأموال ، وندب الله بهذه الآية ، إلى إنفاق شيء مما أنعم به وهذه غاية التفضل فعلاً وقولاً ، وحذر تعالى من الإمساك ، إلى أن يجيء يوم لا يمكن فيه بيع ولا شراء ولا استدراك بنفقة في ذات الله ، إذ هي مبايعة على ما قد فسرناه في قوله تعالى : { من ذا الذي يقرض الله } [ البقرة : 245 ] ، أو إذ البيع فدية لأن المرء قد يشتري نفسه ومراده بماله ، وكأن معنى الآية معنى سائر الآي التي تتضمن إلا فدية يوم القيامة . وأخبر الله تعالى بعدم الخلة يوم القيامة ، والمعنى : خلة نافعة تقتضي المساهمة كما كانت في الدنيا ، وأهل التقوى بينهم في ذلك اليوم خلة ولكنها غير محتاج إليها ، وخلة غيرهم لا تغني من الله شيئاً ، وأخبر تعالى أن الشفاعة أيضاً معدومة في ذلك اليوم ، فحمل الطبري ذلك على عموم اللفظ وخصوص المعنى ، وأن المراد { ولا شفاعة } للكفار . وهذا لا يحتاج إليه . بل الشفاعة المعروفة في الدنيا وهي انتداب الشافع وتحكمه على كره المشفوع عنده مرتفعة يوم القيامة البتة . وإنما توجد شفاعة بإذن الله تعالى . فحقيقتها رحمة من الله تعالى . لكنه شرف الذي أذن له في أن يشفع ، وإنما المعدوم مثل حال الدنيا من البيع والخلة والشفاعة . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو : " لا بيعَ فيه ولا خلةَ ولا شفاعة " بالنصب في كل ذلك بلا تنوين ، وكذلك في سورة إبراهيم { لا بيعَ فيه ولا خلالَ } [ الآية : 31 ] ، وفي الطور : { لا لغو فيها ولا تأثيم } [ الآية : 23 ] ، وقرأ الباقون جميع ذلك بالرفع والتنوين ، و { الظالمون } واضعو الشيء في غير موضعه ، وقال عطاء بن دينار : الحمد لله الذي قال : { والكافرون هم الظالمون } ولم يقل : الظالمون هم الكافرون .