Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 276-277)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يمحق } معناه : ينقص ويذهب ، ومنه محاق القمر وهو انتقاصه ، { ويربي الصدقات } معناه ينميها ويزيد ثوابها تضاعفاً ، تقول : ربت الصدقة وأرباها الله تعالى ورباها وذلك هو التضعيف لمن يشاء ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : " إن صدقة أحدكم لتقع في يد الله فيربيها له كما يربي أحدكم فصيله ، أو فلوه ، حتى يجيء يوم القيامة وأن اللقمة لعلى قدر أحد " . قال القاضي أبو محمد : وقد جعل الله هذين الفعلين بعكس ما يظنه الحريص الجشع من بني آدم ، يظن الربا يغنيه وهو في الحقيقة ممحق ، ويظن الصدقة تفقره وهي نماء في الدنيا والآخرة ، وقرأ ابن الزبير : " يُمحِّق الله " بضم الياء وكسر الحاء مشددة ، " ويرَبّي " بفتح الراء وشد الباء ، ورويت عن النبي صلى الله عليه وسلم كذلك . وقوله تعالى : { والله لا يحب كل كفار أثيم } يقتضي أن الزجر في هذه الآيات للكفار المستحلين للربا القائلين على جهة التكذيب للشرع { إنما البيع مثل الربا } ووصف الكفار بـ { أثيم } ، إما مبالغة من حيث اختلف اللفظان ، وإما ليذهب الاشتراك الذي في كفار ، إذ قد يقع على الزارع الذي يستر الحب في الأرض ، قاله ابن فورك قال ومعنى قوله : { والله لا يحب } أي لا يحب الكفار الأثيم . قال القاضي أبو محمد : محسناً صالحاً بل يريده مسيئاً فاجراً ، ويحتمل أن يريد والله لا يحب توفيق الكفار الأثيم . وهذه تأويلات مستكرهة ، أما الأول فأفرط في تعدية الفعل وحمله من المعنى ما لا يحتمله لفظه ، وأما الثاني فغير صحيح المعنى ، بل الله تعالى يحب التوفيق على العموم ويحببه ، والمحب في الشاهد يكون منه ميل إلى المحبوب ولطف به ، وحرص على حفظه ، وتظهر دلائل ذلك ، والله تعالى يريد وجود الكافر على ما هو عليه ، وليس له عنده مزية الحب بأفعال تظهر عليه نحو ما ذكرناه في الشاهد ، وتلك المزية موجودة للمؤمن . ولما انقضى ذكرهم عقب بذكر ضدهم ليبين ما بين الحالين . فقال { إن الذين آمنوا } الآية ، وقد تقدم تفسير مثل ألفاظ هذه الآية ، وخص { الصلاة } و { الزكاة } بالذكر وقد تضمنهما عمل { الصالحات } تشريفاً لهما ، وتنبيهاً على قدرهما ، إذ هما رأس الأعمال الصلاة في أعمال البدن ، والزكاة في أعمال المال .