Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 15-18)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

في قوله { إن الساعة آتية } تحذير ووعيد ، أي اعبدني فإن عقابي وثوابي بالمرصاد ، و { الساعة } في هذه الآية القيامة بلا خلاف ، وقرأ ابن كثير والحسن وعاصم " أكاد أخفيها " بفتح الهمزة بمعنى أظهرها أي أنها من صحة وقوعها وتيقن كونه تكاد تظهر لكن تنحجب إلى الأجل المعلوم ، والعرب تقول خفيت الشيء بمعنى أظهرته ومنه قول امرىء القيس : [ الطويل ] @ خفاهن من أنفاقهن كأنما خفاهن ودق من سحاب مجلّب @@ ومنه قوله أيضاً : [ المتقارب ] @ فإن تدفنوا الداء لا نخفه وإن توقدوا الحرب لا نقعد @@ قال أبو علي : المعنى أزيل خفاءها ، وهو ما تلف به القربة ونحوها ، وقرأ الجمهور " أُخفيها " بضم الهمزة ، واختلف المتأولون في معنى الآية فقالت فرقة : معناه أظهرها وأخفيت من الأضداد ، وهذا قول مختل ، وقالت فرقة معناه ، { أكاد أخفيها } من نفسي على معنى العبارة من شدة غموضها على المخلوقين ، فقالت فرقة : المعنى { إن الساعة آتية أكاد } وتم الكلام بمعنى { أكاد } أنفذها لقربها وصحة وقوعها ثم استأنف الإخبار بأن يخفيها ، وهذا قلق ، وقالت فرقة { أكاد } زائدة لا دخول لها في المعنى بل تضمنت الآية الإخبار بأن الساعة آتية وأن الله يخفي وقت إتيانها عن الناس ، وقالت فرقة { أكاد } بمعنى أريد ، فالمعنى أريد إخفاءها عنكم { لتجزى كل نفس بما تسعى } واستشهد قائل هذه المقالة بقول الشاعر : [ الكامل ] @ كادت وكدت وتلك خير إرادة @@ وقد تقدم هذا المعنى ، وقالت فرقة { أكاد } على بابها بمعنى أنها مقاربة ما لم يقع ، لكن الكلام جار على استعارة العرب ومجازها ، فلما كانت الآية عبارة عن شدة خفاء أمر القيامة ووقتها وكان القطع بإتيانها مع جهل الوقت أهيب على النفوس بالغ قوله تعالى في إبهام وقتها فقال { أكاد أخفيها } حتى لا تظهر البتة ولكن ذلك لا يقع ولا بد من ظهورها ، هذا تلخيص هذا المعنى الذي أشار إليه بعض المفسرين وهو الأقوى عندي ، ورأى بعض القائلين بأن المعنى { أكاد أخفيها } من نفسي ما في القول من القلق فقالوا معنى من نفسي من تلقائي ومن عندي ع وهذا رفض للمعنى الأول ورجوع إلى هذا القول الذي اخترناه أخيراً فتأمله ، واللام في قوله { لتجزى } متعلقة بـ { آتية } وهكذا يترتب الوعيد . و { تسعى } معناه تكسب وتجترح ، والضمير في قوله { عنها } يريد الإيمان بالساعة فأوقع الضمير عليها ، ويحتمل أن يعود على { الصلاة } [ طه : 14 ] وقالت فرقة المراد عن لا إله الا الله ع : وهذا متجه ، والأولان أبين وجهاً . وقوله { فتردى } معناه تهلك والردى الهلاك ومنه قوله دريد بن الصمة : [ الطويل ] @ تنادوا فقالوا أدرت الخيل فارساً فقلت أعبد الله ذلكمُ الردي @@ وهذا الخطاب كله لموسى عليه السلام وكذلك ما بعده ، وقال النقاش : الخطاب بـ { فلا يصدنك } لمحمد عليه السلام وهذا بعيد ، وفي مصحف عبدالله بن مسعود " أكاد أخفيها من نفسي " وعلى هذه القراءة تركب ذلك القول المتقدم ، وقوله عز وجل { وما تلك بيمينك يا موسى } تقرير مضمنه التنبيه وجمع النفس لتلقي ما يورد عليها وإلا فقد علم ما هي في الأزل ، وقوله { بيمينك } من صلة تلك وهذا نظير قول الشاعر يزيد بن ربيعة : [ الطويل ] @ عدسْ ما لعباد عليك إمارة نجوت وهذا تحملين طليق @@ قال ابن الجوهري : وروي في بعض الآثار أن الله تعالى عتب على موسى إضافة العصا إلى نفسه في ذلك الموطن فقيل له { ألقها } [ طه : 19 ] ليرى منها العجب فيعلم أنه لا ملك له عليها ولا تضاف إليه ، وقرأ الحسن وأبو عمرو بخلاف عنه " عصاي " بكسر الياء مثل غلامي ، وقرأت فرقة " عصى " وهي لغة هذيل ومنه قول أبي ذؤيب : [ الكامل ] @ سبقوا هويَّ وأعنقوا لهواهم @@ وقرأ الجمهور " عصايَ " بفتح الياء ، وقرأ ابن أبي إسحاق " عصايْ " بياء ساكنة ، ثم ذكر موسى عليه السلام من منافع عصاه عظمها وجمهورها ، وأجمل سائر ذلك ، وقرأ الجمهور " وأهُشُّ " بضم الهاء والشين المنقوطة ومعناه أخبط بها الشجر حتى ينتثر بها الورق للغنم ، وقرأ إبراهيم النخعي " وأهِش " بكسر والمعنى كالذي تقدم ، وقرأ عكرمة مولى ابن عباس " وأهُسُّ " بضم الهاء والسين غير المنقوطة ومعناه أزجر بها وأخوف ، وقرأت فرقة " على غنمي " بالجر ، وقرأت " غنمي " فأوقع الفعل على الغنم ، وقرأت " غنْمي " بسكون النون ولا أعرف لها وجهاً ، وقوله { أخرى } فوحد مع تقدم الجمع وهو المهيع في توابع جمع ما لا يعقل والكناية عنه فإن ذلك يجري مجرى الواحدة المؤنثة كقوله تعالى : { الأسماء الحسنى } [ طه : 8 ] وكقوله { يا جبال أوبي معه } [ سبأ : 10 ] وقد تقدم القول في هذا المعنى غير مرة ، وعصا موسى عليه السلام هي التي كان أخذها من بيت عصا الأنبياء التي كان عند شعيب حين اتفقا على الرعية ، وكانت عصا آدم هبط بها من الجنة وكانت من العير الذي في ورق الريحان وهو الجسم المستطيل في وسطها وقد تقدم شرح أمرها فيما مضى .