Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 11-14)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المعنى ليس بهم في تكذيبك ومشيك في الأسواق بل إنهم كفرة لا يفقهون الحق ، فقوله { بل } ترك لنفس اللفظ المتقدم لا لمعناه على ما تقتضيه " بل " في مشهور معناها ، { وأعتدنا } جعلنا معداً ، والعتاد ما يعد من الأشياء ، و " السعير " طبق من أطباق . جهنم ، وقوله { إذا رأتهم } يريد جهنم ، { إذا } اقتضاها لفظ السعير ولفظ { رأتهم } يحتمل الحقيقة ويحتمل المجاز على معنى صارت منهم على قدر ما يرى الرائي من البعد إلا أنه ورد حديث يقتضي الحقيقة ، ويحتمل المجاز ، في هذا ذكر الطبري وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ بين عيني جهنم مقعده من النار " ، فقيل يا رسول الله أو لجهنم عينان ؟ فقال : " اقرؤوا إن شتئم { إذا رأتهم من مكان بعيد } الآية ، وروي في بعض الآثار أن البعد الذي تراهم منه مسيرة خمسمائة سنة ، وقوله { سمعوا لها تغيظاً } لفظ فيه تجوز وذلك أن التغيظ لا يسمع وإنما المسموع ألفاظ دالة على التغيظ ، وهي لا شك احتدامات في النار كالذي يسمع في نار الدنيا إذا اضطربت ، ونسبة هذا المسموع الذي في الدنيا من ذلك نسبة الإحراق من الإحراق وهي سبعون درجة كما ورد في الصحيح ، و " الزفير " صوت ممدود كصوت الحمار المرجع في نهيقه ، قال النقاش " الزفير " آخر صوت الحمار عند نهيقه ، قال عبيد بن عمير إن جهنم لتزفر زفرة لا يبقى ملك ولا نبي إلا خرّ ثم ترعد فرائصه ، " والمكان الضيق " منها ، هو يقصد إلى التضييق عليهم في المكان من النار وذلك نوع من التعذيب ، قال صلى الله عليه وسلم " إنهم ليكرهون في النار كما يكره الوتد في الحائط " أي يدعون لزاً وعنفاً ، وقال ابن عباس تضيق عليهم كما يضيق الزج على الرمح ، وقرأ ابن كثير وعبيد عن أبي عمرو " ضيقاً " بتخفيف الياء والباقون يشدّدون و { مقرنين } معناه مربوط بعضهم إلى بعض ، وروي أن ذلك بسلاسل من نار ، والقرينان من الثيران ما قرنا بحبل للحرث ومنه قول الشاعر : [ الطويل ] @ إذا لم يزل حبل القرينين يلتوي فلا بد يوماً من قوى أن تجدما @@ وقرأ أبو شيبة المهري صاحب معاذ بن جبل رحمه الله " مقرنون " بالواو وهي قراءة شاذة ، والوجه قراءة الناس ، وقوله { ثبوراً } مصدر وليس بالمدعو ، ومفعول { دعوا } محذوف تقديره دعوا من لا يجيبهم أو نحو هذا من التقديرات ، ويصح أن يكون " الثبور " هو المدعو كما تدعى الحسرة والويل ، والثبور قال ابن عباس هو الويل ، وقال الضحاك هو الهلاك ومنه قول ابن الزبعرى : [ الخفيف ] @ إذ أجاري الشيطان في سنن الغـ ـي ومن مال ميله مثبور @@ وقوله { لا تدعوا } إلى آخر الآية معناه يقال لهم على معنى التوبيخ والإعلام بأنهم يخلدون أي لا تقتصروا على حزن واحد بل احزنوا كثيراً لأنكم أهل لذلك .