Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 48-52)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأت فرقة " الرياح " ، وقرأت فرقة " الريح " على الجنس ، فهي بمعنى الرياح وقد نسبنا القراءة في سورة الأعراف وقراءة الجمع أوجه لأن عرف الريح متى وردت في القرآن مفردة فإنما هي للعذاب ، ومتى كانت للمطر والرحمة فإنما هي رياح ، لأن ريح المطر تتشعب وتتداءب وتتفرق وتأتي لينة من ها هنا وها هنا ، وشيئاً إثر شيء ، وريح العذاب خرجت لا تتداءب وإنما تأتي جسداً واحداً ، ألا ترى أنها تحطم ما تجد وتهدمه ، قال الرماني جمعت رياح الرحمة لأنها ثلاثة لواقح الجنوب والصبا والشمال وأفردت ريح العذاب لأنها واحدة لا تلقح وهي الدبور . قال القاضي أبو محمد : يرد على هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا هبت الريح اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً ، واختلف القراء في " النشر " ، في النون والباء وغير ذلك اختلافاً قد ذكرناه في سورة الأعراف ، و { نشراً } معناه منتشرة متفرقة و " الطهور " بناء مبالغة في طاهر وهذه المبالغة اقتضته في ماء السماء وفي كل ما هو منه وبسبيله أن يكون طاهراً مطهراً وفيما كثرت فيه التغايير ، كماء الورد وعصير العنب أن يكون طاهراً ولا مطهراً ، ووصف " البلدة " بـ " الميت " لأنه جعله كالمصدر الذي يوصف به المذكر والمؤنث وجاز ذلك من حيث البلدة بمعنى البلد ، وقرأ طلحة بن مصرف " لننشىء به بلدة ونُسقيه " بضم النون وهي قراءة الجمهور ومعناه نجعله لهم سقياً ، هذا قول بعض اللغويين في أسقى قالوا وسقى معناه للشفة ، وقال الجمهور سقى وأسقى بمعنى واحد وينشد على ذلك بيت لبيد : [ الوافر ] @ سقى قومي بني نجد وأسقى نميراً والقبائـل من هلال @@ وقرأ أبو عمرو " ونَسقيه " بفتح النون وهي قراءة ابن مسعود وابن أبي عبلة وأبي حيوة ، ورويت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، { وأناسيٌ } ، قيل هو جمع إنسان والياء المشددة بدل من النون في الواحد قاله سيبويه ، وقال المبرد هو جمع إنسي وكان القياس أن يكون أناسية كما قالوا في مهلبي ومهالبة ، وحكى الطبري عن بعض اللغويين في جمع إنسان أناسين بالنون كسرحان وبستان ، وقرأ يحيى بن الحارث " أناسي " بتخفيف الياء ، والضمير في { صرفناه } قال ابن عباس ومجاهد هو عائد على الماء المنزل من السماء ، المعنى أن الله تعالى جعل إنزال الماء تذكرة بأن يصرفه عن بعض المواضع إلى بعض المواضع وهذا كله في كل عام بمقدار واحد ، وقاله ابن مسعود ، وقوله على هذا التأويل { فأبى أكثر الناس إلا كفوراً } أي في قولهم بالأنواء والكواكب قاله عكرمة ، وقيل { كفوراً } على الإطلاق لما تركوا التذكر ، وقال ابن عباس الضمير في { صرفناه } للقرآن وإن كان لم يتقدم له ذكر لوضوح الأمر ويعضد ذلك قوله بعد ذلك ، { وجاهدهم به } ، وعلى التأويل الأول الضمير في { به } يراد به القرآن على نحو ما ذكرناه ، وقال ابن زيد يراد به الإِسلام ، وقرأ عكرمة " صرَفنا " بتخفيف الراء ، وقرأ حمزة والكسائي والكوفيون " ليذْكروا " بسكون الذال ، وقرأ الباقون " ليذكّروا " بشد الذال والكاف ، وفي قوله { ولو شئنا } الآية اقتضاب يدل عليه ما ذكر تقديره ولكنا أفردناك بالنذارة وحملناك { فلا تطع الكافرين } .