Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 58-60)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المعنى قل لهم يا محمد هذه المقالة التي لا ظن يتطرق إليك معها ولا تهتم بهم وبشّر وأنذر { وتوكل علىٍ } المتكفل بنصرك وعضدك في كل أمرك ، ثم وصف تعالى نفسه الصفة التي تقتضي التوكل في قوله { الحي الذي لا يموت } إذ هذا المعنى يختص بالله تعالى دون كل ما لدينا مما يقع عليه اسم حي ، وقوله { وسبح بحمده } قل سبحان الله وبحمده أي تنزيهه واجب وبحمده أقول . قال القاضي أبو محمد : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قال في كل يوم سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر " ، فهذا معنى { وسبح بحمده } وهي إحدى الكلمتين الخفيفتين على اللسان ، الحديث ، وقوله { وكفى به } توعد وإزالة كل عن محمد صلى الله عليه وسلم في همه بهم ، وقوله { وما بينهما } مع جمعه { السماوات } قبل سائغ من حيث عادل لفظ { الأرض } لفظ { السماوات } ونحوه قول عمرو بن شييم : [ الوافر ] @ ألم يحزنك أن جبال قيس وتغلب قد تباينتا انقطاعا @@ من حيث عادلت جبالاً جبالاً ، ومنه قول الآخر : [ الكامل ] @ إن المنية والحتوف كلاهما يوفي المخارم يرقبان سواد @@ وقوله { في ستة أيام } اختلفت الرواية في اليوم الذي ابتدأ الله فيه الخلق ، فأكثر الروايات على يوم الأحد ، وفي مسلم وفي كتاب الدلائل يوم السبت ، وبين بكون ذلك { في ستة أيام } وضع الإناءة والتمهل في الأمور لأن قدرته تقضي أنه يخلقها في طرفة عين لو شاء لا إله إلا هو ، وقد تقدّم القول في الاستواء ، وقوله { الرحمن } يحتمل أن يكون رفعه بإضمار مبتدأ أي هو { الرحمن } ويحتمل أن يكون بدلاً من الضمير في قوله { استوى } وقرأ زيد بن علي بن الحسين " الرحمنِ " بالخفض ، وقوله { فاسأل به خبيراً } فيه تأويلان : أحدهما { فاسأل } عنه و { خبيراً } على هذا منصوب إما بوقوع السؤال عليه والمعنى ، اسأل جبريل والعلماء وأهل الكتب المنزلة ، والثاني أن يكون المعنى كما تقول لو لقيت فلاناً لقيت به البحر كرماً أي لقيت منه والمعنى فاسأل الله عن كل أمر ، و { خبيراً } على هذا منصوب إما بوقوع السؤال وإما على الحال المؤكدة كما قال { وهو الحق مصدقاً } [ البقرة : 91 ] ، وليست هذه بحال منتقلة إذ الصفة العلية لا تتغير ، ولما ذكر في هذه الآية { الرحمن } كانت قريش لا تعرف هذا في أسماء الله ، وكان مسيلمة كذاب اليمامة تسمى بـ " الرحمن " فغالطت قريش بذلك وقالت إن محمداً يأمر بعبادة " الرحمن " اليمامة فنزل قوله تعالى : { وإذا قيل لهم } الآية ، وقولهم { وما الرحمن } استفهام عن مجهول عندهم فـ { ما } على بابها المشهور ، وقرأ جمهور القراء " تأمرنا " بالتاء أي أنت يا محمد ، وقرأ حمزة والكسائي والأسود بن يزيد وابن مسعود " يأمرنا " بالياء من تحت إما على إرادة محمد والكناية عنه بالغيبة ، وإما على إرادة رحمان اليمامة ، وقوله : { وزادهم نفوراً } أي أضلهم هذا اللفظ ضلالاً لا يختص به حاشى ما تقدم منهم .