Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 71-74)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أكد بهذه الألفاظ أمر التوبة والمعنى { ومن تاب } فإنه قد تمسك بأمر وثيق وهكذا ، كما تقول لمن تستحسن قوله في أمره لقد قلت يا فلان قولاً ، فكذلك الآية معناها مدح المتاب كأنه قال فإنه يجد باباً للفرج والمغفرة عظيماً ، ثم استمرت الآيات في وصف عباد الله المؤمنين بأن نفى عنهم شهادة الزور ، و { يشهدون } في هذا الموضع ظاهر معناها يشاهدون ويحضرون ، و { الزور } كل باطل زور وزخرف فأعظمه الشرك وبه فسر الضحاك وابن زيد ، ومنه الغناء ، وبه فسر مجاهد ، ومنه الكذب ، وبه فسر ابن جريج ، وقال علي بن أبي طالب ومحمد بن علي المعنى لا يشهدون بالزور فهو من الشهادة لا من المشاهدة والزور الكذب . قال الفقيه الإمام القاضي : والشاهد بالزور حاضره ومؤديه جرأة ، فالمعنى الأول أعم لكن المعنى الثاني أغرق في المعاصي وأنكى ، و " اللغو " كل سقط من فعل أو قول يدخل فيه الغناء واللهو وغير ذلك ، ويدخل في ذلك سفه المشركين وأذاهم للمؤمنين وذكر النساء وغير ذلك من المنكر ، و { كراماً } معناه معرضين مستحين يتجافون عن ذلك ويصبرون على الأذى فيه ، وروي أن عبد الله بن مسعود سمع غناء فأسرع في مشيه وذهب فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لقد أصبح ابن أم عبد كريماً ، وقرأ الأية . قال الفقيه الإمام القاضي : وأما إذا مر المسلم بمنكر فكرمه أن يغير ، وحدود التغيير معروفة وقوله تعالى : { والذين إذا ذكروا بآيات ربهم } ذكروا بالقرآن آخرتهم ومعادهم وقوله : { لم يخروا عليها صماً وعمياناً } يحتمل تأويلين : أحدهما أن يكون المعنى لم يكن خرورهم بهذه الصفة بل يكون سجداً وبكياً ، وهذا كما تقول لم يخرج زيد للحرب جزعاً أي إنما خرج جريئاً مقدماً . وكأن الذي يخر أصم وأعمى هو المنافق ، أو الشاك ، والتأويل الثاني ذهب إليه الطبري وهو أن يخروا صماً وعمياناً هي صفة للكافر وهي عبارة عن إعراضهم وجهدهم في ذلك . وقرن ذلك بقوله قعد فلان يشتمني وقام فلان يبكي وأنت لم تقصد الإخبار بقعود ولا قيام وإنما هي توطئات في الكلام والعبارة . قال الفقيه الإمام القاضي : وكان المستمع للذكر قائم القناة قويم الأمر فإذا أعرض وضل كان ذلك خروراً وهو السقوط على غير نظام ولا ترتيب وإن كان قد شبه به الذي يخر ساجداً ، ولكن أصله أنه على غير ترتيب ، ثم مدح المؤمنين حال الدعاء إليه في أن يقر العيون بالأهل والذرية ، و " قرة العين " يحتمل أن تكون من القرار ، ويحتمل أن تكون من القر ، وهو الأشهر لأن دمع السرور بارد ودمع الحزن سخن ، فمن هذا يقال أقر الله عينك وأسخن الله عين العدو ، و " قرة العين " في الأزواج والذرية أن يراهم الإنسان مطيعين لله تعالى قاله ابن عباس والحسن وحضرمي ، وبين المقداد ابن الأسود الوجه من ذلك بأنه كان في أول الإسلام يهتدي الأب والابن كافر والزوج والزوجة كافرة فكانت قرت عيونهم في إيمان أحبابهم ، وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر والحسن " ذرياتنا " ، وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وطلحة وعيسى " ذريتنا " بالإفراد . وقوله تعالى : { للمتقين إماماً } قيل هو جمع ، آم مثل قائم وقيام وقيل هو مفرد اسم جنس أي اجعلنا يأتم بنا المتقون ، وهذا لا يكون إلا أن يكون الداعي متقياً قدوة وهذا هو قصد الداعي ، قال إبراهيم النخعي لم يطلبوا الرياسة بل أن يكونوا قدوة في الدين وهذا حسن أن يطلب ويسعى له .