Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 217-226)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر وشيبة " فتوكل " بالفاء وكذلك في مصاحف أهل المدينة والشام ، والجمهور بالواو وكذلك في سائر المصاحف ، وأمره الله تعالى بالتوكل عليه في كل أمره ، ثم جاء بالصفات التي تؤنس المتوكل وهي العزة والرحمة المذكورتان في أواخر قصص الأمم المذكورة في هذه السورة . وضمنها نصر كل نبي على الكفرة والتهمم بأمره والنظر إليه ، وقوله { الذي يراك حين تقوم } ، { يراك } عبارة عن الإدراك ، وظاهر الآية أراد قيام الصلاة ، ويحتمل أن يريد سائر التصرفات وهو تأويل مجاهد وقتادة ، وقوله { في الساجدين } قيل يريد أهل الصلاة أي صلاتك مع المصلين ، قاله ابن عباس وعكرمة . وغيرهما ، وقال أيضاً مجاهد يريد تقلبك أي تقليبك عينك وأبصارك الساجدين حين تراهم من وراء ظهرك . قال القاضي أبو محمد : وهذا معنى أجنبي هنا ، وقال ابن عباس أيضاً وقتادة أراد تقلبك في المؤمنين فعبر عنهم بـ { الساجدين } ، وقال ابن جبير أراد الأنبياء أي تقلبك كما تقلب غيرك من الأنبياء ، وقوله تعالى : { هل أنبئكم } معناه قل لهم يا محمد هل أخبركم { على من تنزل الشياطين } وهذا استفهام توقيف وتقرير ، و " الأفاك " الكذاب ، و " الأثيم " الآثم . ويريد الكهنة لأنهم كانوا يتلقون من الشياطين الكلمة الواحدة التي سمعت من السماء ، فيخلطون معها مائة كذبة ، فإذا صدقت تلك الكلمة كانت سبب ضلالة لمن سمعها ، وقوله { يلقون } يعني الشياطين ، ويقتضي ذلك أن الشيطان المسترق أيضاً كان يكذب إلى ما سمع هذا في الأكثر ، ويحتمل الضمير في { يلقون } أي يكون للكهنة فإفكهم وحالهم التي تقتضي نفي كلامهم عن كلام كتاب الله عقب ذلك بذكر { الشعراء } وحالهم لينبه على بعد كلامهم من كلام القرآن ، إذ قال في القرآن بعض الكفرة إنه شعر ، وهذه الكناية هي عن شعراء الجاهلية ، حكى النقاش عن السدي أنها في ابن الزبعرى وأبي سفيان بن الحارث وهبيرة بن أبي وهب ومسافع الجمحي وأبي عزة وأمية بن أبي الصلت . قال القاضي أبو محمد : والأولان ممن تاب رضي الله عنهما ، ويدخل في الآية كل شاعر مخلط يهجو ويمدح شهوة ويقذف المحصنات ويقول الزور ، وقرأ نافع " يتْبعهم " بسكون التاء وهي قراءة أبي عبد الرحمن والحسن بخلاف عنه ، وقرأ الباقون بشد التاء وكسر الباء ، واختلف الناس في قوله { الغاوون } ، فقال ابن عباس هم الرواة وقال ابن عباس أيضاً هم المستحسنون لأشعارهم المصاحبون لهم ، وقال عكرمة هم الرعاع الذي يتبعون الشاعر ويتغنمون إنشاده وهذا أرجح الأقوال ، وقال مجاهد وقتادة { الغاوون } الشياطين ، وقوله { في كل واد يهيمون } عبارة عن تخليطهم وخوضهم في كل فن من غث الكلام وباطله وتحسينهم القبيح وتقبيحهم الحسن قاله ابن عباس وغيره ، وقوله ، { وأنهم يقولون ما لا يفعلون } ، ذكر لتعاطيهم وتعمقهم في مجاز الكلام حتى يؤول إلى الكذب ، وفي هذا اللفظ عذر لبعضهم أحياناً فإنه يروى أن النعمان بن عدي لما ولاه عمر بن الخطاب ميسان وقال لزوجته الشعر المشهور عزله عمر فاحتج عليه بقوله تعالى : { وأنهم يقولون ما لا يفعلون } فدرأ عنه عمر الحد في الخمر ، وروى جابر ابن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " من مشى سبع خطوات في شعر كتب من الغاوين " ذكره أسد بن موسى وذكره النقاش .